يصح إسناد الفعل إليها على سبيل المجاز العقلي كما يسند إلى الزمن والدهر والليل والنهار أو لا يصح؟ - أما إسناد الفعل إلى الدهر على سبيل المجاز العقلي شائع في كلام العرب فمن ذلك قول وزير عزله ملكه من الصباح إلى الزوال ثم رضي عنه ورده إلى مكانته من مخلع البسيط.
عاداني الدهر نصف يوم ... فانكشف الناس لي وبانوا
يا أيها المعرضون عني ... عودوا فقد عاد لي الزمان
وذلك أنه حين عزل تنكر الناس له وتغيروا فقال لهم ارجعوا إلى ما كنتم عليه من التملق والتعظيم فإن الزمان الذي عاداني وأعرض عني فاقتديتم به قد عاد إلي وأقبل علي فعودوا أنتم أيضا فأسند العداوة إلى الدهر والعَوْدُ إلى الزمان على سبيل المجاز، والزمن لم يعاده في الحقيقة ولم يُقْبِل عليه:
ومثل ذلك قول آخر:
رأيت الدهر في خفض الأعالي ... وفي رفع الأسافلة اللئام
فقيها صح في فتواه قول ... بتفضيل السجود على القيام
والدهر لم يرفع أحدا ولم يخفضه بل الخافض الرافع هو الله تعالى وإنما ذلك مجاز أسند الفعل فيه إلى ملابسه، وهو زمانه الذي وقع فيه، فقوله عاداني الدهر أي عاداني الناس والسلطان في الدهر، وعاداني الزمان أي عاداني الحظ في الزمان، ومثل ذلك إسناد الفعل إلى الدنيا والعرب تفعل ذلك كثيرا قال ابن الوردي في لاميته:
اترك الدنيا فمن عادتها ... تخفض العالي وتعلي ومن سفل
وقال غيره: