دقيقة الطرق، لطيفة المسالك. ومن شأن القرآن الكريم على هداياته باعتبار معانيه الأصلية فإنها واضحة قل أن يقع فيها تفاوت أو خلاف، لأن هذه المعاني – كما قررنا يستوي فيها العربي والعجمي، والحضري والبدوي.
إعجاز القرآن:
المقصد الثاني من نزول القرآن الكريم، أن يقوم في فم الدنيا آية شاهدة برسالة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يبقى على جبهة الدهر معجزة خالدة تنطق بالهدى ودين الحق ظاهراً على الدين كله! إن بلاغته العليا وجه بارز من هذه الوجوه. بل هي أبرز وجوهه وجوداً وأعظمها أفرادا، لأن كل مقدار ثلاث آيات قصار معجز، ولو كان هذا المقدار من آية واحدة طويلة فقد تحدى الله أئمة البيان أن يأتوا بسورة من مثله، وأقصر سور هي سورة الكوثر، وآياتها ثلاث قصار. وإذا كان أئمة البيان في عصر ازدهاره والنبوغ فيه، قد عجزوا فسائر الخلق أشد عجزا. ولقد فرغنا من أن بلاغة القرآن منوطة بما اشتمل عليه من الخصوصيات والاعتبارات الزائدة وأنت خبير بأنها سارية فيه سريان الماء في العود الأخضر أو سريان الروح في الجسم الحي وأن نظم القرآن الكريم مصدر لهدايته كلها سواء منها ما كان طريقه النظم وما كان طريقه تلك الخصوصيات الزائدة عليه.
التعبد بتلاوة القرآن.
المقصد الثالث من نزول القرآن أن يتعبد الله خلقه بتلاوته، ويقربهم إليه ويأجرهم على مجرد ترديد لفظه ولو من غير فهمه، فإذا ضموا إلى التلاوة فهما زادوا أجر على أجراً، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ