وهذه الأقوال إنما هي في المسائل التي لم يثبت حكمها في شرعنا فأما ثبت في شرعنا فهو على ما ثبت فيه سواء وافق شرع من قبلنا أو خالفه.
وهو الكلام المحتمل للتصديق والتكذيب، وهذه العبارة أولى ممن قال الصدق والكذب (?) لأن خبر اللَّه ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يحتمل إلا الصدق وخبر الكاذب كمسيلمة لا يحتمل إلا الكذب، وفائدة هذا الباب معرفة نقل السنة وفيه ثلاثة فصول:
نقل الخبر على نوعين: متواتر، ونقل أحاد.
- فأما التواتر فهو خبر ينقله جماعة يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب قال فخر الدين بن الخطيب: "إنَّ عددهم غير محصور خلافًا لمن حصرهم في اثنتي عشر أو في أربعين أو سبعين أو ثلاثمائة أو غير ذلك والأربعة ليست منه عند الجمهور (?) وعلى أنه قد قال ابن حزم: "إن نقل الاثنين العدلين يوجب العلم".
والتواتر يفيد العلم بشرطين:
أحدهما: أن يستوي طرفاه وواسطته في كثرة الناقلين.
والآخر: أن يكون مستندًا إلى أمر معلوم بالحس تحرزًا من الظنون ومن المعلوم بالنظر (?).
يحصل العلم بالخبر بطرق غير التواتر وهي كون المخبر عنه معلومًا بالضرورة، أو بالاستدلال، أو خبر رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو خبر مجموع الأمة، أو القرائن عند أبي المعالي وأبي حامد (?).
وأما نقل الآحاد فهو خبر الواحد أو الجماعة الذين لا يبلغون حد التواتر، وهو لا يفيد العلم وإنما يفيد الظن، وهو حجة عند مالك وغيره بشروط منها: