فَاسْتَنْقَذَتْهُ.
فَأُنْزِلَتْ فِيهِ: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] .
وَتَفْسِيرُ ابْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَاسٌ بِمَكَّةَ آمَنُوا، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ بَعْضُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ بِالْمَدِينَةِ: أَنْ هَاجِرُوا فَإِنَّكُمْ لا تَرَوْنَ مِنَّا خَيْرًا حَتَّى تُهَاجِرُوا.
فَخَرَجُوا يُرِيدُونَ الْمَدِينَةَ، فَأَدْرَكَتْهُمْ قُرَيْشٌ بِالطَّرِيقِ فَفَتَنُوهُمْ، فَكَفَرُوا مُكْرَهِينَ.
فَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
قَالَ: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106] فِي الآخِرَةِ.
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ} [النحل: 107] اخْتَارُوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ.
{وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [النحل: 107] ، يَعْنِي: الَّذِينَ يَلْقَوْنَ اللَّهَ بِكُفْرِهِمْ.
{أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ {108} لا جَرَمَ} [النحل: 108-109] وَهَذَا وَعِيدٌ.
{أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [النحل: 109] خُسِرُوا أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَغْنَمُوهَا فَصَارُوا فِي النَّارِ، وَخَسِرُوا أَهْلِيهِمْ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، فَهُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ.
وَتَفْسِيرُهُ فِي سُورَةِ الزُّمُرِ.
قَوْلُهُ: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا} [النحل: 110] يَعْنِي: مِنْ بَعْدِ مَا عُذِّبُوا فِي الدُّنْيَا.
تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ.
{ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 110] تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: أَنَّهُمْ قَوْمٌ كَانُوا بِمَكَّةَ، فَعَرَضَتْ لَهُمْ فِتْنَةٌ، فَارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلامِ، وَشَكُّوا فِي نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ إِنَّهُمْ أَسْلَمُوا وَهَاجَرُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ جَاهَدُوا مَعَهُ وَصَبَرُوا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لا يُقْبَلُ مِنْهُمُ