تجلي قدرة الله في خلق الناس

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13] .

إن المتابع لهذا السياق الكريم في هذه السورة المباركة، يرى أنه من أول السورة قال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)) توجيه خاص بالمؤمنين في التطبيق العملي، وهنا قال: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ)) والناس أعم من المؤمنين؛ لأن فيها المؤمن والفاسق والفاجر والمنافق والكافر.

إلخ.

وقالوا: إن كلمة ناس من: ناس ينوس إذا تحرك، ومنه الوسواس يتحرك في صدر الإنسان، فشملت كل بني آدم.

لماذا غاير في المنادى؛ لأن موضوع النداء عام وليس خاصاً بطائفة المؤمنين.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا} [الحجرات:13] النون هنا نون العظمة {خَلَقْنَاكُمْ} [الحجرات:13] خلق جميع الأناسي من جميع الأمم، والقبائل، والأجناس دون تمييز بصفة من الصفات المعنوية من إيمان أو كفر أو غير ذلك.

وهنا: (خلق) ، والخلق في اللغة: التقدير، والعرب تقول: لأنت تفري ما خلق، والفري القطع.

تأتي إلى إنسان عنده قالب، ويريد أن يقص على مقداره، فيضعه على الخشب أو القماش، ويعلم على أطرافه بقلم، هذا هو الخلق: التخطيط، فيأتي ويقص على ما علم عليه، وهذا هو الفري، خلق واستطاع أن يفري، تقطع وتنفذ عملياً ما رسمت وخططت، وغيرك قد يستطيع أن يخطط ولكن لا يستطيع أن يفري.

إذاً: (خلق) بمعنى قدر، خلقناكم: أوجدناكم على تقادير معينة، فتجد الناس جميعاً أوجدوا من العدم على تخطيط مختلف لا يتفق اثنان في ملايين من البشر في تخطيط واحد، هذا طويل وهذا قصير، حتى الطوال لا يتفقون مع بعض، هذا متين وهذا نحيف، هذا أبيض وهذا أسمر، ولا يتفق أسودان، كل شخص له صفة خاصة مغايرة في الخلق وهذا آية من آيات الله وقدرته.

تجد العيون في محلها، والأنف والفم في محلهما، والأذن في محلها، ولك أن تنظر إلى اللون، فاللون واحد، السمة ما يتسم به وما يعرف به واحدة، ولا يمكن أن تجد اثنين على سمة واحدة، فلابد أن تجد هناك فوارق فتميز بين هذا وهذا، ولو لم تعرف اسمه فإنك تميز خلقه.

أي: تخطيطه وصورته وأنموذجه، وكان والدنا الشيخ الأمين رحمة الله علينا وعليه يقول: من أراد أن يعرف قدرة الخالق وقدرة خلقه وإحاطة علمه بخلقه، فليقف عند رمي جمرة العقبة عندما يأتي الناس يرمون الجمرات، فهل يجد اثنين من تلك الخلائق اتفقوا في الطبعة سواء، حتى التوأم قد يكون في نظر العين (99%) ، ولكن قد يوجد نصف واحد في المائة من التغاير، فالأم تعرفهما به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015