نأتي إلى بعض النماذج أيضاً في الإسلام، ونجد ذلك في بعض المواقف في عصر النبي صلى الله عليه وسلم: النفر الذين أخذوا من قبل قريش، والشخص الذي أُخِذ منهم وخرجوا به إلى التنعيم ليصلبوه، واجتمع القوم، وجيء به عند الخشبة، فجاءه أبو سفيان وقال: أتود أن محمداً مكانك تُضرب عنقُه، وأنت آمن في أهلك؟ عند أحرج المواقف، وعند ضربة السيف والقضاء عليه يُعرض عليه هذا العرض، فماذا كان جوابه؟ قال: لا والله، ما أود ولا أرضى أن يكون محمدٌ صلى الله عليه وسلم يُشاك بشوكة في رجله وهو في مكانه.
لا أريد أن أستبدل حياتي بشوكة يُشاكها في قدمه وهو في بلده يفدي شوكة في رجل رسول الله بحياته.
وأعتقد أن هذا شيء فوق الخيال.
وفي غزوة أحد مواقف عديدة منها: الذين ترَّسوا على رسول الله، قيس بن النعمان انكسر قوسه، يقول: لم يبقَ معي ما أرمي به، فقوَّست على رسول الله.
وقتادة بن النعمان أيضاً يقول: وما يأتي سهم إلا والتقيته وأملت وجهي ألتقي السهم عن وجه رسول الله، وكان آخرها سهماً اندلقت منه عيني على خدي.
وهو الذي رد له رسول الله صلى الله عليه وسلم عينه، كان يقول: (وانفض الجمع فجئت بها في كفي -وكما قال عمر بن عبد العزيز: كنا نُحَدَّث بأنها علقت بعرق وتدلت- فأخذها في كفه وجاء إلى رسول الله وقال: يا رسول الله، إن لي زوجة جميلة أحبها وتحبني وأخشى إن هي رأت عيني تقذرها، فأخذها صلى الله عليه وسلم بيده ووضعها مكانها وغمزها بكفه فكانت أجمل وأحب عينيه) .
وطلحة يعدون فيه فوق الثمانين حرجاً ما بين إصابة سهم وطعنة رمح ضربة بسيف، وأم عمارة امرأة أيضاً وأصابها شيء من هذا.
فكل هؤلاء يفدُّون رسول الله بأنفسهم: هل كان في ذلك ريب أم أنه عين اليقين؟!