وتعالى فقال: {وَمِنَ النَّاسِ}؛ أي: وبعض الناس، فهذا مبتدأ، وخبره قوله: {مَنْ يَشْتَرِي}؛ أي: وبعض الناس يشتري ويستبدل ويختار {لَهْوَ الْحَدِيثِ} وسفاسفه على ذكر الله وعبادته، و {من} (?) مفرد لفظًا، جصع معنى، وروعي لفظها أولًا في ثلاثة ضمائر: {يَشْتَرِي} و {يضل} و {يتخذ}. وروعي معناها ثانيًا في موضعين: وهما: {أُولَئِكَ} {لَهُمْ} ثم رجع إلى مراعاة اللفظ في خمسة ضمائر: وهي: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ} .. إلخ. اهـ. "شيخنا".
والاشتراء: دفع الثمن وأخذ المثمن، والبيع: دفع المثمن وأخذ الثمن، وقد يتجوز بالشراء والاشتراء في كل ما يحصل به شيء.
والمعنى هاهنا: يستبدل ويختار ما يشغله عن مهماته، وليس بمهم بدل مهماته، وقال الحسن: الحديث: كل ما يشغل عن عبادة الله وذكره، من السمر والأضاحيك والخرافات والمغنيات، والمزامير والمعازف والملاهي، والإضافة في لهو الحديث على معني من، لأن اللهو يكون حديثًا وغيره، هو كثوب خز.
وقال القرطبي: إن أول ما قيل في هذا الباب هو تفسير لهو الحديث بالغناء، قال: وهو قول الصحابة والتابعين. اهـ. "شيخنا"
أي: يختار ويأخذ لهو الحديث بدل ما ينفعه في الآخرة، وهو استماع القرآن والعمل به، وعبارة "الروح" هاهنا (?): ولهو الحديث: كل ما يلهي ويشغل صاحبه عما يعني من المهمات، كالأحاديث التي لا أصل لها، والأساطير التي لا اعتداد بها، والأضاحيك، وسائر ما لا خير فيه من الكلام، والحديث: يستعمل في قليل الكلام وكثيره؛ لأنه يحدث شيئًا فشيئًا.
وقال أبو عثمان النهدي: كل كلام سوى كتاب الله، أو سنة رسوله، أو سيرة الصالحين فهو لهو، وفي "التأويلات النجمية": كل ما يشغل عن الله ذكره ويحجب عن الله سماعه، فهو لهو الحديث، والإضافة فيه بمعنى من البيانية، كما مر، إن أريد بالحديث المنكر, لأن اللهو يكون من الحديث ومن غيره، فأضيف