والمعنى (?): أي ولئن سألت هؤلاء المشركين بالله: من خلق السماوات والأرض فسواهن، وسخر الشمس، والقمر يجريان دائبين لمصالح خلقه، ليقولن: الذي خلق ذلك وفعله هو الله، فانى يؤفكون؛ أي: فكيف يصرفون عن توحيده، وإخلاص العبادة له بعد إقرارهم بأن خالق كل ذلك.
تنبيه: ذكر في السماوات والأرض الخلق، وفي الشمس والقمر التسخير، لأن مجرد خلق الشمس والقمر ليس حكمةً، فإن الشمس لو كانت مخلوقة بحيث تكون في موضع واحد، لا تتحرك .. ما حصل الليل والنهار، ولا الصيف والشتاء، فحينئذٍ الحكمة إنما هي في تحركهما وتسخيرهما. اهـ. "كرخي".
والخلاصة (?): أنهم يعترفون بأنه هو الخالق للسماوات والأرض، والمسخر للشمس والقمر، ثم هم مع ذلك يعبدون سواه، ويتوكلون على غيره، فكما أنه الواحد في ملكه، فليكن الواحد في عبادته، وكثيرًا ما يقرر القرآن توحيد الألوهية بعد الاعتراف بتوحيد الربوبية، التي كانوا يدينون بها، نحو قولهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك.
62 - ولما ذكر اعترافهم بالخلق .. ذكر حال الرزق من قبل أن كمال الخلق ببقائه، ولا بقاء له إلا بالرزق، فقال: {اللَّهُ} سبحانه وتعالى {يَبْسُطُ} ويوسع {الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} أن يبسط له {مِنْ عِبَادِهِ} مؤمنين وكافرين {وَيَقْدِرُ} أي: يضيق ويقتر {لَهُ}؛ أي: لمن يشاء أن يقدر عليه منهم، كائنًا من كان، على أن (?) الضمير مبهم حسب إبهام مرجعه، ويحتمل أن يكون الموسع له، والمضيق عليه واحدًا، على أن البسط والقبض على التعاقب؛ أي: يقدر لمن يبسط له على التعاقب.