شئت لدعوت روح فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر إذا لقيت قومًا يخبئون رزق سنتهم، ويضعف اليقين". قال: فوالله ما برحنا ولا رمنا حتى نزلت: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا الله يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)} فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لم يأمرني بكنز الدنيا، ولا باتباع الشهوات، ألا وإني لا أكنز دينارًا ولا درهمًا، ولا أخْبَأ رزقًا لغدٍ".
وروى ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمؤمنين بمكة حين آذاهم المشركون: "اخرجوا إلى المدينة وهاجروا، ولا تجاوروا الظلمة" قالوا: ليس لنا بها دار ولا عقار، ولا من يطعمنا، ولا من يسقينا، فنزلت الآية.
قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أنهم قالوا: يا محمد ما يمنعنا أن ندخل في دينك إلا مخافة أن يتخطفنا الناس لتقتلنا، والأعراب أكثر منا، فمتى ما يبلغهم أنا قد دخلنا في دينك .. اختطفتنا فكنا أكلة رأس، فأنزل الله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ...}.
التفسير وأوجه القراءة
46 - {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ} أي: ولا تخاصموا اليهود والنصارى أيها المؤمنون {إِلَّا بِالَّتِي} إلا بالخصلة التي {هِيَ أَحْسَنُ} وأسهل (?) كمعاملة الخشونة باللين، والغضب بالحلم، والمشاغبة - أي: تحريك الشر وإثارته - بالنصح؛ أي: بتحريك الخير وإثارته، والعجلة بالتاني والاحتياط، على وجه لا يؤدي إلى الضعف، ولا إلى إعظام الدنيا الدنية، يعني: جادلوهم على سبيل الدعاء لهم إلى الله عز وجل، والتنبيه لهم على حججه وبراهينه، رجاء إجابتهم إلى الإِسلام، لا على طريق الإغلاظ والمخاشنة.
وقرأ الجمهور (?): {إِلَّا بِالَّتِي} حرف استثناء، وقرأ ابن عباس: {ألا}: