فعللوت، قالوا عنكبوت وتخربوت، ولم يأت صفةً فالعنكبوت معروفة، وهي دويبة تنسج لها بيوتًا من خيوط واهية، والتخربوت الناقة الفارهة، والواو والتاء في آخرهما زائدتان زيدًا في آخر الرباعي، كما زيدا في آخر الثلاثي من نحو ملكوت ورهبوت.
{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ} جمع مثل، والمثل كلام سائر يتضمن تشبيه الآخر بالأول؛ أي: تشبيه حال الثاني بالأول. {نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ} قال في "المفردات": ضرب المثل هو من ضرب الدرهم اعتبارًا بضربه بالمطرقة، وهو ذكر شيء أثره يظهر في غيره.
{وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} قال الإِمام الراغب في "المفردات": العقل يقال: للقوة المتهيئة لقبول العلم، ويقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك القوة عقل، ولهذا قال أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه -:
أقُوْلُ الْعَقْلُ عَقْلاَنِ ... فَمَطْبُوْعٌ وَمَسْمُوْعُ
وَلاَ يَنْفَعُ مَطْبُوْعٌ ... إِذَا لَمْ يَكُ مَسْمُوْعُ
كَمَا لَا تَنْفَعُ الشَمْسُ ... وَضَوْءُ الْعَيْنِ مَمْنُوْعُ
وإلى الأول: أشار عليه السلام بقوله: "ما خلق الله خلقًا أكرم عليه من العقل"، وإلى الثاني: أشار بقوله: "ما كسب أحد شيئًا أفضل من عقل يهديه إلى هدى، ويرده عن ردى"، وهذا العقل هو المعني بقوله: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} وكل موضع ذم فيه الكفار بعدم العقل، فإشارة إلى الثاني دون الأول، وكل موضع رُفع فيه التكليف عن العبد لعدم العقل فإشارة إلى الأول، انتهى.
{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ} التلاوة القراءة على سبيل التوالي، والإيحاء إعلام في الخفاء، ويقال: للكلمة الإلهية التي تُلقى إلى الأنبياء وحي، والله أعلم.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع: