{عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا} هذا الغلام؛ أي: أترجى نفعه لنا لو كان له أبوان معروفان، {أَوْ} عسى أن {نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} ونتبناه إذا لم يُعرف له أبوان، لما فيه من الوسامة وجمال المنظر التي تجعله أهلًا لتبني الملوك، وكانت آسية لا تلد، ولم يكن لفرعون ولد ذكر، وقوله: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} حال (?) من آل فرعون، والتقدير: فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًا وحزنًا، وقالت امرأة فرعون: كذا وكذا، والحال أنهم لا يشعرون؛ أي: لا يعلمون بأنهم على خطأ عظيم فيما صنعوا من الالتقاط، ورجاء النفع منه، والتبني له.

وقوله: {إِنَّ فِرْعَوْنَ ...} الآية، اعتراض وقع بين المعطوفين لتأكيد خطاهم، كما مر آنفًا، وما أحسن نظم هذا الكلام عند أصحاب المعاني والبيان، وقيل (?): هذا ابتداء كلام من الله تعالى؛ أي: وهم لا يشعرون أن هلاكهم على يديه وبسببه، وهذا قول مجاهد وقتادة والضحاك ومقاتل، وقال ابن عباس: أي: وهم لا يشعرون إلى ماذا يصير أمر موسى عليه السلام. وقال آخرون: هذا من تمام كلام امرأة فرعون، أي: بنو إسرائيل وأهل مصر لا يشعرون أنا التقطناه، وأنه ليس منا، وهذا بعيد، كما قاله الشوكاني.

قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: لو أن عدو الله قال في موسى كما قالت آسية: عسى أن ينفعنا لنفعه الله، ولكنه أبى للشقاء الذي كتبه الله عليه، روي أنه قالت الغواة من قوم فرعون: إن نظن إلا أنَّ هذا هو الذي يحذر منه، رُمي في البحر خوفًا منك فاقتله، فهمّ فرعون بقتله، فقالت آسية: إنه ليس من أولاد بني إسرائيل، فقيل لها: وما يدريك؟ فقالت: إن نساء بني إسرائيل يشفقن على أولادهن، ويكتمنهم مخافة أن تقتلهم، فكيف يُظنُّ بالوالدة أنها تُلقي الولد بيدها في البحر؛ أو قالت: إن هذا كبير، ومولود قبل هذه المدة التي أُخبرت لك، فاستوهبته لما رأت عليه من دلائل النجاة، فتركه، وسمَّته آسية موسى؛ لأن تابوته وُجد بين الماء والشجر، والماء في لغتهم: مو، والشجر: شا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015