مقدم فصار حالًا منه. {ضَيِّقًا} صفة لمكانًا (?) مفيدة لزيادة شدة حال الكرب مع الضيق، كما أن الروح مع السعة.
واعلم: أنه تضيق عليهم جهنم، كما تضيق حديدة الرمح على الرمح، أو تكون لهم كحال الوتد في الحائط، فيضم العذاب، وهو الضيق الشديد إلى العذاب، وذلك لتضيق قلوبهم في الدنيا حتى لم تسع فيها للإيمان.
أي: وإذا ألقوا وطرحوا في مكان ذا ضيق منها حالة كونهم {مُقَرَّنِينَ}؛ أي: حالة كونهم قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم مشدودة إليها بسلسلة، أو مقرنين مع شياطينهم سلسلة في سلسلة. والتقرين تقييد الأرجل وجمع الأيدي والأعناق في السلاسل. اهـ. "صاوي".
{دَعَوْا هُنَالِكَ}؛ أي: نادوا في ذلك المكان الضيق الهائل والحالة الفظيعة {ثُبُورًا} هلاكًا؛ أي: يتمنون هلاكًا وينادونه، فيقولون: يا ثبوراه، يا ويلاه، يا هلاكاه، تعال فهذا أوانك.
14 - فيقول الله تعالى لهم، أو فيقال لهم على ألسنة الملائكة، تنبيهًا على خلود عذابهم: {لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا}؛ أي: لا تقتصروا على دعاء ثبور واحد، أي على مرة واحدة. {وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا}؛ أي: بحسب كثرة الدعاء المتعلق به، لا بحسب كثرته في نفسه، فإنه شيء واحد.
والمعنى (?): لا تدعوا على أنفسكم بالثبور دعاء واحدًا، وادعوه أدعية كثيرة، فإنَّ ما أنتم فيه من العذاب، أشد من ذلك لطول مدته، وعدم تناهيه، ومستوجب لتكرير الدعاء في كل آن.
وقيل: هذا تمثيل وتصوير لحالهم بحال من يقال له ذلك، من غير أن يكون هناك قول.
وقيل: إن المعنى أنكم وقعتم فيما أليس ثبوركم فيه واحدًا، بل هو ثبور كثير؛ لأن العذاب أنواع. والأولى أن يقال: إن المراد بهذا الجواب عليهم