فحرموا من الوصول إلى الله تعالى. أو لا يجدون إلى القدح في نبوة هذا النبي طريقًا من الطرق.
والمعنى: أي (?) انظر واعجب لهم كيف جرؤوا على التفوه بتلك الأقاويل العجيبة، فاخترعوا لك صفات وأحوالًا بعيدة كل البعد عن صفاتك التي أنت عليها، فضلوا بذلك عن طريق الهدى، وصاروا حائرين لا يدرون ماذا يقولون، ولا يقدحون به في نبوتك إلا مثل السخف والهذر.
والخلاصة: أن ما أتوا به لا يصلح أن يكون قادحًا في نبوتك، ولا مطعنًا فيك، فإن كان لهم مطعن في المعجزات التي أتيت بها فليفعلوا, ولكن أنى لهم ذلك.
10 - ثم رد على ما اقترحوه من الجنة والكنز بقوله: {تَبَارَكَ الَّذِي} أي تزايد وكثر خير ربك الذي {إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ} أي وهب لك في الدنيا, لأنه قد شاء أن يعطيه ذلك في الآخرة {خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ}؛ أي: إعطاءً خيرًا مما قالوا أو اقترحوا من إلقاء الكنز وجعل الجنة، ولكن أخره إلى الآخرة؛ لأنه خير وأبقى.
وخص (?) هذا الموضع بذكر تبارك؛ لأن ما بعده من العظائم حيث ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - والله خاطبه بقوله: "لولاك يا محمد ما خلقت الكائنات" كذا في "برهان القرآن". قلت: هذا الأثر من الموضوعات لا أصل له كما مر.
{جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} بدل من خيرًا، ومحقق لخيريته مما قالوا؛ لأن ذلك كان مطلقًا، عن قيد التعدد وجريان الأنهار. {وَيَجْعَلْ لَكَ} في الدنيا {قُصُورًا}؛ أي: بيوتًا مشيدة؛ أي: رفيعة كقصور الجنة. وجملة {يجعل} معطوفة على محل الجزاء الذي هو جعل، وهو الجزم وبجزم يجعل.
قرأ الجمهور (?): نافع وحمزة والكسائي وأبو عمرو قالوا عطفًا على موضع جعل؛ لأن التقدير: إن يشأ يجعل. وقرأ ابن كثير وابن عامر، وأبو بكر ومجاهد وحميد ومحبوب عن أبي عمرو بالرفع على أنه مستأنف، وقد تقرر في علم