لا يتقبل ذلك منهم، وأن لا يقع على الوجه المرضي. {أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}؛ أي: خائفون عدم قبولها حين يبعثون، ويرجعون إلى ربهم، وتنكشف الحقائق، ويحتاج العبد إلى عمل مقبول لديه، وإن قل. وجملة {أن} في محل الجر بجار محذوف، متعلق بـ {وجلة}؛ أي: وجلة من رجوعهم، أو لأجل رجوعهم إلى الله تعالى. وسبب الوجل (?) هو أن يخافوا أن لا يقبل منهم ذلك على المطلوب، لا مجرد رجوعهم إليه سبحانه، وقيل: المعنى أن من اعتقد الرجوع إلى الجزاء والحساب، وعلم أن المجازي والمحاسب هو الرب الذي لا تخفى عليه خافية، لم يخل من وجل.
وقرأ الجمهور (?): {يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} من الإيتاء؛ أي: يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقات، وقرأت عائشة وابن عباس وقتادة والأعمش والحسن والنخعي: {يأتون ما آتوا} من الإتيان؛ أي: يفعلون ما فعلوا. وقرأ الأعمش: {إنهم} بالكسر.
ويدخل في قوله (?): {يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} كل حق يلزم إيتاؤه، سواءًا كان من حقوق الله، كالزكاة والكفارة وغيرها، أم من حقوق العباد، كالودائع والديون والعدل بين الناس فمتى فعلوا ذلك، وقلوبهم وجلة من التقصير والإخلال بها بنقصان أو غيره .. اجتهدوا في أن يوفوها حقها حين الأداء.
وسألت عائشة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أهو الذي يزني وشرق ويشرب الخمر، وهو على ذلك يخاف الله تعالى فقال: "لا يا ابنة الصديق، ولكن هو الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخاف أن لا يقبل ذلك منه".
وهذه الموصولات الأربعة (?) عبارة عن طائفة واحدة متصفة بجميع ما ذكر في حيّز صلاتها من الأوصاف الأربعة، لا عن طوائف كل واحدة منها متصفة