وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من أحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه، والذي نفس محمد بيده، لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه"، قالوا: وما بوائقه يا رسول؛ قال: "غشه وظلمه".
وقرأ ابن وثاب (?): {أنما نمدهم} بكسر الهمزة، وقرأ (?) عكرمة وأبو الجوزاء: {يمدهم} بضم الياء وكسر الميم. وقرأ أبو عمران الجوني: {نمدهم} بفتح النون وضم الميم. وقرأ ابن عباس وعكرمة وأيوب السختياني: {يسارع} بضم الياء وكسر الراء. وقرأ معاذ القارىء وأبو المتوكل: مثله، إلا أنهما فتحا الراء. وقرأ أبو عمران الجوني وعاصم الجحدري وابن السميفع: {يسرع} بضم الياء وسكون السين وفتح الراء من غير ألف. وقرأ الباقون: {نسارع} بالنون. قال الثعلبي: وهذه القراءة هي الصواب لقوله: {نمدهم}.
ولما نفى الله سبحانه الخيرات الحقيقية عن الكفرة المتنعمين، أتبع ذلك بذكر من هو أهل للخيرات عاجلًا وآجلًا، فوصفهم بصفات أربع:
الأولى:
57 - ما ذكرها بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ}؛ أي: من خوف عذاب ربهم {مُشْفِقُونَ}؛ أي: دائبون في طاعته، جادون في نيل مرضاته، حذرون من أسباب العذاب، خائفون منها، ومن ثم يبتعدون عن الآثام والمعاصي، والمعنى (?): إن المؤمنين الذين بما هم عليه من خشية الله خائفون من عذابه. قال الحسن البصري: المؤمن جمع إحسانًا وخشية، والمنافق جمع إساءة وأمنًا. والفرق بين (?) الخشية والإشفاق أن الخشية خوف يشوبه تعظيم، والإشفاق عناية مختلطة بخوف؛ لأن المشفق يحب المشفق عليه، ويخاف ما يلحقه.