الضم والإلتحام خلقةً كان أو صنعة؛ أي كانت شيئًا واحدًا، وحقيقة متحدةً {فَفَتَقْنَاهُمَا} من الفتق، وهو الفصل بين المتصلين، وهو ضد الرتق؛ أي: ففصلنا إحداهما عن الأخرى بالهواء والريح، أي رفعنا السماء (?)، وأبقينا الأرض مكانها، أو (?) كانت السموات واحدةً ففتقت بالتحريكات المختلفة، حتى صارت أفلاكًا، وكانت الأرضون واحدةً، فجعلت باختلاف كيفياتها وأحوالها طبقات أو أقاليم. وقيل: كانتا رتقًا لا تمطر ولا تنبت ففتقناهما بالمطر والنبات، فيكون المراد بالسموات سماء الدنيا، وجمعها باعتبار الآفاق، أو السموات بأسرها على أن لها مدخلًا ما في الأمطار، إذ التأثير إنما يحصل من جهة العلو، والكفرة، وإن لم يعلموا ذلك، فهم متمكنون من العلم به نظرًا، أو استفسارًا من العلماء، أو مطالعةً للكتب.
واعلم: أن المراد برؤية الآيات الانتقال من رؤيتها إلى رؤية صانعها، رؤيةً قلبيةً، هي حقيقة الإيمان. والمعنى؛ أي: ألم يعلم الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا مرتوقتين؛ أي: ملتحمتين متصلتين ففصلناهما وأزلنا اتحادهما.
وعبارة ابن الجوزي هنا: واعلم أن للمفسرين في المراد بالفتق ثلاثة أقوال (?):
أحدها: أن السموات كانت رتقًا لا تمطر، وكانت الأرض رتقًا لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وهذه بالنبات. رواه عبد الله بن دينار عن ابن عباس، وبه قال عطاء، وعكرمة، ومجاهد، في رواية, والضحاك في آخرين.
والثاني: أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين ففتقهما الله تعالى، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة.