[28]

[29]

غير أمره، لا إلى أمر غيره. والأمر مصدر أمرته إذا كلّفْتَه أن يفعل شيئًا. وفي الآية إشارة إلى أن العباد المكرمين بالتقرب إلى الله تعالى، والوصول إليه، لا يقولون شيئًا من تلقاء نفوسهم، ولا يفعلون شيئًا بإرادتهم، بل إذا نطقوا نطقوا بالله، وإذا سكتوا سكتوا بالله.

28 - وجملة قوله: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} تعليل لما قبلها. ووجه التعليل أنهم إذا علموا بأنه عالم بما قدَّموا وأخّروا لم يعملوا عملًا، ولا يقولوا إلَّا بأمره؛ أي: يعلم الله سبحانه وتعالى، ولا يخفى عليه ما بين أيديهم؛ أي: ما قدَّموا من الأقوال والأعمال {وَمَا خَلْفَهُمْ}؛ أي: وما أخَّروا منهما، وهو الذي ما قالوه، وما عملوه بعد، فيعلمهم بإحاطته تعالى بذلك، أو يعلم ما بين أيديهم، وهو الآخرة، وما خلفهم وهو الدنيا, ولا يزالون يراقبون أحوالهم، فلا يقدمون على قول أو عمل بغير أمره تعالى، فهو تعليل لما قبله، وتميهدٌ لما بعده كما مرّ آنفًا.

{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} الله تعالى أن يشفع له من أهل الإيمان مهابةً منه تعالى؛ أي: وهم لا يشفعون إلّا لمن رضي الله عنه، فلا تطمعوا في شفاعتهم لكم بغير رضاه تعالى، قال ابن عباس: هم أهل شهادة أن لا إله إلا الله. وقد ثبت في الصحيح أنَّ الملائكة يشفعون في الدار الآخرة. قال قتادة؛ أي: لأهل التوحيد. والشفاعة (?) الإنضمام إلى آخر ناصرًا له، كما سيأتي في "مفردات اللغة".

{وَهُمْ}؛ أي: الملائكة مع ذلك {مِنْ خَشْيَتِهِ}؛ أي: من خشيتهم منه تعالى وخوفهم منه. فهو من إضافة المصدر إلى مفعوله {مُشْفِقُونَ}؛ أي: مرتعدون. والخشية: الخوف مع التعظيم، والإشفاق: الخوف مع التوقع والحذر؛ أي: لا يأمنون مكر الله تعالى. والمعنى: أي: وهم من خوف الله، والإشفاق من عقابه، حذرون أن يعصوه ويخالفوا أمره ونهيه

29 - {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ}؛ أي: من الملائكة {إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ} تعالى؛ أي: حال كونه متجاوزًا إياه تعالى. قال المفسرون (?): عني بهذا إبليس؛ لأنه لم يقل أحد من الملائكة: إني إله إلّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015