إلى إدخال الروعة، فإن نسبة الاقتراب إليهم من أول الأمر مما يسوؤهم ويورثهم رهبةً وانزعاجًا من المقترب. وإنما ذكر (?) الله سبحانه هذا الاقتراب لما فيه من المصلحة للمكلفين، فيكونون أقرب إلى التأهّب له، والمراد بـ {الناس}، المحاسبون، وهم المكلَّفون دون غيرهم. وقيل: هم المشركون لتقييدهم بقوله: {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} وعلى هذا فهو من باب إطلاق اسم الجنس على بعض أفراده.

والحساب بمعنى المحاسبة (?)، وهو إظهار ما للبعيد وما عليه ليجازى على ذلك، والمراد باقتراب حسابهم: اقترابه في ضمن اقتراب الساعة، وسمي يوم القيامة بيوم الحساب، تسمية للزمان بأعظم ما وقع فيه، وأشدّه وقعاً في القلوب، فإن الحساب هو الكاشف عن حال المرء، ومعنى اقترابه لهم تقاربه، ودنوّه منهم بعد بعده عنهم، فإنه في كل ساعة من ساعات الزمان أقرب إليهم من الساعة السابقة، ما أن ما مضى أكثر مما بقي، وفي الحديث: "أمّا بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس" وإنما لم يعيّن الوقت؛ لأن كتمانه أصلح كوقت الموت.

والمعنى (?): دنا من مشركي قريش وقت محاسبة الله إياهم على أعمالهم السيئة، الموجبة للعقاب يوم القيامة، {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ}؛ أي: والحال أنهم في غفلة تامة من الحساب على النقير والقطمير، والتأهّب له، ساهون عنه بالكلية، لا أنهم غير مبالين مع اعترافهم بإتيانه، بل منكرون له، كافرون به مع اقتضاء عقولهم له؛ لأن الأعمال لا بد لها من الجزاء، وإلّا لزم التسوية بين المطيع، والعاصي وهي بعيدة عن مقتضى الحكمة والعدالة {مُعْرِضُونَ} عن الإيمان والآيات، والنذر المنبّهة لهم من سنة الغفلة.

وهما خبران للضمير، وحيث كانت الغفلة أمرًا جبليًا لهم، جعل الخبر الأول ظرفا منبئًا عن الاستقرار بخلاف الأعراض. والجملة حال من {الناس}،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015