المبني، فنفخوا {حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ}؛ أي: المنفوخ فيه وهو زبر الحديد {نَارًا}؛ أي: مثل النار في الحرارة والهيئة، وإسناد الجعل المذكور إلى ذي القرنين، مع أنه فعل العملة، للتثبيه على أنه العمدة في ذلك، وهم بمنزلة الآلة.
{قَالَ} ذو القرنين للذين يتولون أمر النحاس من الإذابة ونحوها {آتُونِي} قطرًا أي: نحاسًا مذابًا {أُفْرِغْ عَلَيْهِ}؛ أي: أصبب على الحديد المحمى {قِطْرًا}؛ أي: نحاسًا مذابًا، فأفرغه عليه، فدخل مكان الحطب والفحم، فامتزج بالحديد، والتصق بعضه ببعض، وصار جبلًا صلدًا، وهذه كرامة عظيمة، حيث صرف الله تأثير الحرارة العظيمة عن أبدان أولئك النافخين والمفرغين للقطر.
والإفراغ الصب؛ أي: أصبب على الحديد المحمى قطرًا، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، وإسناد الإفراغ إلى نفسه للعلة التي وقفت عليها آنفًا.
وقرأ ابن كثير (?)، وأبو عمرو, وابن عامر، والزهري، ومجاهد، والحسن: {الصُّدُفَيْنِ} بضم الصاد والدال، وأبو بكر، وابن محيصن، وأبو رجاء، وأبو عبد الرحمن، كذلك إلا أنه سكَّن الدال، وباقي السبعة، وأبو جعفر، وشيبة، وحميد، وطلحة، وابن أبي ليلى، وجماعة عن يعقوب، وخلف في اختياره، وأبو عبيد، وابن سعدان، بفتحهما وابن جندب بالفتح وإسكان الدال، ورويت عن قتادة.
وقرأ الماجشون: بالفتح وضم الدال، وقرأ قتادة، وأبان عن عاصم بضم الصاد وفتح الدال، {حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا} في الكلام حذف، تقديره فنفخوا حتى إذا ... وقرأ الجمهور: {قَالَ آتُونِي}؛ أي: أعطوني، وقرأ الأعمش، وطلحة، وحمزة، وأبو بكر بخلاف عنه قال {إئتوني}؛ أي: جيئوني.
و {قِطْرًا} منصوب بأفرغ، على إعمال الثاني، ومفعول {آتُونِي} محذوف لدلالة الثاني عليه، كما مر
97 - {فَمَا اسْطَاعُوا} بحذف (?) تاء الافتعال تخفيفًا وحذرًا