كما في "التعريف والإعلام" للإمام السهيلي رحمه الله تعالى.

تنبيه: لذكر هذه القصة في الكتاب الكريم فوائد (?):

1 - أن لا يعجب المرء بعلمه، وأن لا يبادر إلى إنكار ما لا يستحسنه، فلعل فيه سرًا لا يعرفه.

2 - أن فيها تأديبًا لنبيه، بترك طلب الاستعجال بعقوبة المشركين الذين كذبوه، واستهزؤوا به، وبكتابه؛ لأن تأويل ذلك صائر إلى هلاكهم وبوارهم بالسيف في الدنيا، واستحقاقهم من الله في الآخرة الخزي والعذاب الدائم.

3 - أن ما حدث فيها يجري مثله كل يوم في هذه الحياة، ألا ترى أن قتل الغلام وهو صغير لا ذنب له، يشبه الطاعون الذي يهلك الأمم، ويفتك بها فتكًا ذريعًا، والبهائمَ التي تفتك بها السباع، أو تأكلها الناس، ولو تأمل الناس حكمة ذلك .. لعلموا أنهم لو بقوا على الأرض مئة عام أو نحوها ولم يمت منهم أحد .. لضاقت بهم الأرض، ولماتوا جوعًا، ولأكل الابن أباه، ولأصبحت الأرض منتنة، قذرة، ولهلك الناس جميعًا، وأن أكل كواسر الطير لصغارها ليخلو به الجو والأرض من الحيوان المزدحمة، ولولا ذلك .. لأصبحت الأرض مضرة بالناس والحيوان، فاقتناصها رحمة ونعمة على الناس وأن خرق السفينة التي هي لمساكين، أشبه بموت بقرة فلاح فقير، بجانبه رجل غني لم تصب بقرته بسوء، وذلك إنما يكون لحكمة لا يعلمها إلا الله، وقد يكون منها أن الفقير حين موته يخرج من هذا العالم خفيفًا، لا يحزنه شيء، وأن الغني إذا لم يهذب نفسه .. تكون روحه مجذوبة إلى هذا العالم، متطلعة إلى ما فيه، فيصير في حسرة حين موته.

وإن ذكر الجدار وإقامته تشيران إلى أن كل من ترى ليس أهلًا للنعمة ظاهرًا، وقد أغدقت عليه، فأهل هذه القرية اللؤماء الأشحاء ليسوا أهلًا للإكرام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015