الغلمان، فأخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله» كذا في «الصحيحين» برواية أبي بن كعب - رضي الله عنه -.
أي (?): فانطلقا بعد نزولهما من السفينة وسلامتهما من الغرق والعطب يمشيان على الساحل، فأبصر الخضر غلامًا يلعب مع لداته وأترابه، فقتله، ولم يبين القرآن كيف قتله، أحز رأسه، أم ضرب رأسه بالجدار، أم بطريق آخر؟ وعلينا أن لا نهتم بذلك، إذ لو علم الله فيه خيرًا لنا .. لذكره، ولكن بيّنته السنة كما مر آنفًا. {قالَ} موسى للخضر، والجملة جواب الشرط {أَقَتَلْتَ} يا خضر، والاستفهام فيه للتوبيخ المضمن للإنكار {نَفْسًا زَكِيَّةً}؛ أي: طاهرة من الذنوب، لأنها صغيرة لم تبلغ الحنث؛ أي: الإثم والذنب، وهو قول الأكثرين، {بِغَيْرِ نَفْسٍ}؛ أي: بغير قتل نفس محرمة، يعني لم تقتل نفسًا فيقتص منها، وخص (?) هذا من بين مبيحات القتل، كالكفر بعد الإيمان، والزنا بعد الإحصان؛ لأنه أقرب إلى الوقوع، بالنظر إلى حال الغلام، وقرأ ابن عباس (?)، والأعرج، وأبو جعفر، وشيبة، وابن محيصن، وحميد، والزهري، ونافع، واليزيدي، وابن مسلم، وزيد، وابن بكير، عن يعقوب، والتمار، عن رويس عنه، وأبو عبيد، وابن جبير، الأنطاكي وابن كثير، وأبو عمرو {زَاكِيَةً} بالألف، وقرأ زيد بن علي، والحسن، والجحدري، وابن عامر، والكوفيون {زكية} بغير ألف وبتشديد الياء وهي أبلغ من زاكية، لأن فعيلا المحول من فاعل يدل على المبالغة، وعن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرًا، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانًا، وكفرًا» متفق عليه وهذا لفظ مسلم.
والله {لَقَدْ جِئْتَ}، وفعلت يا خضر {شَيْئًا نُكْرًا}؛ أي: شيئًا منكرًا، أنكر من الأول؛ لأن ذلك كان خرقًا يمكن تداركه بالسد، وهذا لا سبيل إلى تداركه،