وهو قد استكبر {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}؛ أي: فصار فاسقًا كافرًا بسبب أمر الله للملائكة المعدود هو في عدادهم، إذ لولا الأمر ما تحقق إباؤه.
ثم حذر سبحانه من اتباعه بعد أن استبان من حاله ما استبان فقال: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ} {الهمزة} للإستفهام الإنكاري التعجبي داخلة على محذوف، و {الفاء} عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أبعد علمكم يا بني آدم بصدور الفسق من إبليس تتبعونه، وتتخذونه {وَذُرِّيَّتَهُ}؛ أي: أولاده وأتباعه {أَوْلِياءَ}، أي: أصدقاء {مِنْ دُونِي} تطيعونهم بدل طاعتي مجاوزين عني إليهم؛ أي (?): ذلك الاتخاذ منكر غاية الإنكار، حقيق بأن يتعجب منه، والمراد بالولاية هنا: اتباع الناس لهم فيما يأمرونهم به من المعاصي، فالموالاة مجاز عن هذا، لأنه من لوازمها، فلا يرد كيف قال ذلك، مع أنّ الشيطان وذرّيته ليسوا أولياء بل أعداء، لأنّ الأولياء هم الأصدقاء، ذكره في «الفتوحات».
{وَهُمْ}؛ أي: والحال أن إبليس وذريّته {لَكُمْ عَدُوٌّ}؛ أي: أعداء فحقهم أن تعادوهم لا أن توالوهم شبه بالمصادر للموازنة كالقبول.
وحاصل المعنى (?): كيف تصنعون هذا الصنع، وتستبدلون بمن خلقكم وأنعم عليكم بجميع ما أنتم فيه من النعم من لم يكن لكم منه منفعة قط، بل هو عدو لكم، يترقب حصول ما يضركم في كل حين {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ}؛ أي: للكافرين {بَدَلًا} من الله، إبليس وذريته، تمييز لفاعل {بِئْسَ} البدل للكافرين بالله، والمخصوص بالذم إبليس وذرّيته، أي: اتخاذهم إبليس وذريته أولياء من دونه وهو المنعم عليهم وعلى أبيهم آدم من قبلهم المتفضل عليهم بما لا يحصى من الفواضل؛ أي: بئس (?) البدل من الله إبليس لمن استبدله فأطاعه بدل طاعة الله.