[75]

والاضطراب حين مجيء الدين الجديد، أيتَّبعونه؟ ولكن رُبّما خذله أتباعه، أم يحتفظون بالقديم، ولكن رُبّما كسدت سوقه وقلَّ أنصاره، وقالوا: من الخير كل الخير أن نُوافق كُلَّ حزبٍ نَخْلُو به، ونعَتِذرَ إلى الحزبِ الآخر إذا عَرَف ما كان منَّا، حتى يَتبيَّنَ اتّجاهُ ريحِ السفينة.

أمَّا عامَّتهم: فلا علم لهم بشيء من الكتاب، وما عندهم من الدين إلّا ظُنونٌ أخذوها عن أسلافهم، دون أن يكون لديهم دليلٌ على صحتها أو فسادها، ومثل هذا لا يسمَّى عِلْمًا، إنّما العلم ما كان عن حجّة وبرهان، ولا يقبل الله إلّا العلم الصحيح في عقائد الأديان.

التفسير وأوجه القراءة

75 - والخطاب في قوله (?): {أَفَتَطْمَعُونَ} للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وكان - صلى الله عليه وسلم -، شديد الحرص على الدعاء إلى الحق، وقبول الناس الإيمانَ منه، وكان يضيق صدره بسبب عنادهم وتمرّدهم، فقصَّ الله تعالى عليه أخبار بني إسرائيل في العناد العظيم مع نبيّهم، مع مشاهدة الآيات الباهرة منه؛ تسليةً لرسوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يظهر من أهل الكتاب، في زمانه، من قلّة القبول، والاستجابة. والطَّمَعُ: تَعلُّقُ النفس بإدراك ما تُحِبُّ تعلُّقًا قويًّا، وهو أشدُّ من الرجاء. والهمزة فيه للاستفهام الإنكاريِّ الاستبعاديِّ، وهو حمل المخاطب على الإنكار، بأمر علم عنده نفيه مع استبعاده؛ أي: لإنكار الواقع واستبعاده، كما في قولك: أتضرب أباك، لا لإنكار الوقوع، كما في قولك: أأضرب أبي، داخلةٌ على محذوف يقتضيه المقام، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير؛ أي: أتسمعون أخبارهم، وتعلمون أحوالهم، فتطمعون بعد ذلك في إيمانهم. ومآل المعنى: أي: أَبَعْدَ أَنْ علمتم تفاصيلَ شؤونِهم المُؤيسَة، من إيمانهم تطمعون في: {أَنْ يُؤْمِنُوا} جميع اليهود أو علماؤهم، فإنّهم متماثلون في شدّة الشَّكيمة والأخلاق الذميمة، لا يتأتَّى من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015