الجيم وضمها: مصدر جاس، يجوس، والمعنى هنا: تردّدوا لطلبكم بالفساد {خِلالَ الدِّيارِ}. قال في «القاموس» الخلل منفرج ما بين الشيئين، ومن السحاب: مخارج الماء كخلاله، وخلال الديار أيضًا ما حوالي جدرها، وما بين بيوتها انتهى. قالوا: يجوز أن يكون مفردًا بمعنى الوسط، أو جمع خلل بمعنى الأوساط، مثل جبلٍ، وجبالٍ، وجَملٍ، وجمالٍ والديار: جمع دار، وهو المحل يجمع البناء، والعرصة، والمعنى مشوا في وسط المنازل، أو أوساطها للقتل والأسر، والغارة فقتلوا علماءهم وكبارهم، وحرّقوا التوراة، وخرّبوا المسجد وسبوا منهم سبعين ألفًا، وذلك من قبيل تولية بعض الظالمين بعضا مما جرت به السنة الإلهية.
{أُولِي بَأْسٍ} والبؤس، والبأس، والبأساء: الشدّة والمكروه، كما قال الراغب. إلّا أنّ البؤس كثر استعماله في الفقر، والحرب، والبأس، والبأساء، في النّكاية بالعدو {الْكَرَّةَ} وهي في الأصل مصدر: كرّ يكرّ إذا: رجع، والكرّة: الدولة والغلبة، وأصل الكرّ: العطف والرجوع {نَفِيرًا} والنفير والنافر، من ينفر مع الرجل من عشيرته، وأهل بيته {تَتْبِيرًا} والتتبير: الإهلاك، وهي كلمة نبطيّة كما روي عن سعيد بن جبير، وكل شيء كسرته وفتته .. فقد تبّرته. {ما عَلَوْا}؛ أي: ما غلبوا واستولوا عليه من بلادكم، أصله: عليوا تحركت الياء، وانفتح ما قبلها، قلبت ألفا، فالتقى ساكنان فحذفت الألف. فصار علوّا بوزن فعوا {حَصِيرًا} الحصير المحبس، والسّجن، والمقر. يحصرون فيه، لا يستطيعون الخروج منها أبد الآباد، فهو فعيل بمعنى فاعل؛ أي: حاصرة لهم، ومحيطة بهم، كما مر في مبحث التفسير، وفي «الشهاب» قوله: محبسًا، أي: مكان الحبس المعروف، فإن كان حصيرًا، اسم مكان. فهو جامد لا يلزم تذكيره، ولا تأنيثه، وإن كان بمعنى حاصرًا؛ أي: محيطًا بهم، وفعيل بمعنى فاعل، يلزم مطابقته، فكأن يقال: حصيرة، فإما لأنه على النسب كلابن، وتامر، أو لحمله على فعيل بمعنى مفعول، أو لأنّ تأنيث جهنّم غير حقيقي، أو لتأويلها بمذكر كالسجن والحبس اهـ.
{وَيَدْعُ الْإِنْسانُ}، والقياس: أن تثبت واو يدع لأنه مرفوع؛ إلا أنه لما وجب