أي: وقلنا لهم لا تتّخذوا غيري {وَكِيلًا}؛ أي: وليًا، ونصيرًا تكلون إليه أموركم، وعلى قراءة التحتانية {أن} مصدرية، ولا نافية، ولام التعليل مقدرة، والمعنى: وجعلناه هدى لبني إسرائيل لئلا يتّخذوا من دوني وكيلًا يكلون إليه أمورهم.
والمعنى: أي (?) وأعطينا موسى التوراة، وجعلنا فيها هداية لبني إسرائيل، وقلنا لهم: لا تتخذوا من دوني وكيلا، ووليّا ونصيرا تكلون إليه أموركم، وهذه مقالة أوحى الله بها إلى كل نبيّ أرسله، أمرهم جميعا أن يعبدوه وحده لا شريك له، وأن لا يعوّلوا في أمر إلا عليه.
وقرأ ابن عباس (?)، ومجاهد، وقتادة، وعيسى، وأبو رجاء، وأبو عمرو من السبعة: {يتخذوا} بالياء على الغيبة وباقي السبعة بتاء الخطاب وقد جاءت هذه الآية عقب ذكر آية الإسراء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من قبل أنّ موسى أوتي التوراة بمسيره إلى الطور، كما أسري بمحمد إلى بيت المقدس.
3 - ثم نبّه إلى عظيم شرف بني إسرائيل، وإتمام نعمته عليهم، ليكون في ذلك تهييج لهم، وبيان لعظيم المنّة عليهم، فقال: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ}؛ أي: يا ذرية من حملنا مع نوح في السفينة، لا تتخذوا من دوني وكيلًا، والمراد: تأكيد الحمل على التوحيد، بتذكير إنعامه عليهم في ضمن إنجائه آباءهم من الغرق في سفينة نوح، قال في «الكواشي»: هذا منة على جميع الناس، لأنّهم كلّهم من ذرية من أنجي في السفينة من الغرق، والمعنى: كانوا مؤمنين فكونوا مثلهم، واقتفوا بآثار آبائكم {إِنَّهُ}؛ أي: إن (?) نوحا عليه السلام {كانَ عَبْدًا شَكُورًا}؛ أي: كثير الشكر في مجامع حالاته، وكان إذا أكل قال: الحمد لله الذي أطعمني، ولو شاء .. أجاعني، وإذا شرب قال: الحمدُ لله الذي سقاني، ولو