الله عباده، وكما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّ الله حمله على البراق، حتى أتاه به، وصلى هناك بمن صلى من الأنبياء والرسل فأراه من الآيات ما أراه، ولا معنى لقول من قال: أسري بروحه دون جسده؛ لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون دليلا على نبوته، ولا حجّة له على رسالته، ولا كان الذين أنكروا حقيقة ذلك من أهل الشرك، كانوا يدفعون به عن صدقه فيه؛ إذ لم يكن منكرا عندهم، ولا عند أحد من ذوي الفطرة الصحيحة، من بني آدم، أن يرى الرائي منهم في المنام ما على مسيرة سنة، فكيف ما هو مسيرة شهر، أو أقلّ.

وبعد: فإن الله إنّما أخبر في كتابه أنه أسرى بعبده، ولم يخبرنا أنه أسرى بروح عبده، وليس جائزًا لأحد أن يتعدى ما قال الله إلى غيره، إلا أن الأدلة الواضحة، والأخبار المتتابعة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله أسرى به على دابة، يقال لها: البراق، ولو كان الإسراء بروحه .. لم تكن الروح محمولة على البراق، إذ كانت الدواب لا تحمل إلا الأجساد اهـ.

والخلاصة: أن الذي عليه المعول عند جمهرة المسلمين، أنه أسري به - صلى الله عليه وسلم - يقظة لا منامًا، من مكة إلى بيت المقدس، راكبًا البراق، فلما انتهى إلى باب المسجد، ربط الدابة عند الباب، ودخله يصلي في قبلته، تحية المسجد ركعتين، ثم ركب البراق وعاد إلى مكة بغلسٍ.

إلمامةٌ في المعراج

يرى بعض العلماء أن عروج النبي - صلى الله عليه وسلم - السموات السبع، كان بجسده وروحه يقظة لا منامًا لدليلين:

أ - آية الإسراء إذ صرح فيها بأنه أسرى بعبده، والعبد مجموع الروح والجسد، فوجب أن يكون الإسراء حاصلا بهما.

ب - الحديث المروي في الكتب الصحاح كالبخاري ومسلم، وغيرهما، وهو يدل على أن الذهاب من مكة إلى بيت المقدس، ثم منه إلى السموات العلا، ثمّ إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015