وجوه العبر:
1 - أن التنطع في الدين والإلحاف في السؤال، مما يقضي التشديد في الأحكام، ومن ثم نهينا عن ذلك بقوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} وبما جاء في الأحاديث الصحيحة من قوله صلّى الله عليه وسلّم: «وكره لكم قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال».
2 - أنهم أمروا بذبح بقرة دون غيرها من الحيوان؛ لأنها من جنس ما عبدوه وهو العجل، ليهون عندهم ما كانوا يرون من تعظيمه، وليعلم بأجابتهم ما كان في نفوسهم من حب عبادته.
3 - استهزاؤهم بأوامر الأنبياء.
4 - أن يحيا القتيل بقتل حي، فيكون أظهر لقدرته تعالى في اختراع الأشياء من أضدداها.
68 - ثم إن القوم (?) لما علموا أن ذبح البقرة عزم من الله وجدّ، استوصفوها من موسى فـ {قالُوا} كأنه قيل: فماذا قال قوم موسى بعد ذلك؟ فقيل: توجهوا نحو الامتثال، وقالوا: يا موسى! {ادْعُ لَنا}؛ أي: سل لأجلنا {رَبَّكَ} أن يبين لنا سنّها إن دعوته {يُبَيِّنْ} ويوضح {لَنا} ويعرّف ويعيّن {ما هِيَ}؛ أي: جواب ما تلك البقرة؛ أي: ما سنّها؟ أصغيرة أم كبيرة. وهذا تشديد منهم على أنفسهم.
و {ما} مبتدأ و {هِيَ} خبره، والجملة في حيز النصب بيبين؛ أي: يبين لنا جواب السؤال. وقد سألوا عن حالها وصفتها، لمّا قرع أسماعهم ما لم يعهدوه من بقرة ميتة يضرب ببعضها ميت فيحيى، فما ههنا سؤال عن الحال والصفة. تقول: ما زيد، فيقال: طبيب أو عالم؛ أي: ما سنّها وما صفتها من الصغر والكبر {قالَ}؛ أي: موسى عليه السلام، بعد ما دعا ربه بالبيان وأتاه الوحي {إِنَّهُ}؛ أي: إن الله سبحانه وتعالى {يَقُولُ إِنَّها}؛ أي: إن البقرة المأمور بذبحها {بَقَرَةٌ لا} هي {فارِضٌ}؛ أي: مسنة هرمة من الفرض وهو القطع، كأنها قطعت سنّها وبلغت