سورة النحل مكية (?) إلا قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} إلى آخر السورة، فإنها نزلت بالمدينة في قتل حمزة - رضي الله عنه - قاله ابن عباس، وفي رواية أخرى عنه أنها مكية غير ثلاث آيات نزلت بالمدينة وهي قوله تعالى: {وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا}، إلى قوله: {يَعْلَمُونَ}، وقال قتادة: هي مكية إلا خمس آيات، وهي قوله: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} وقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} إلى آخر السورة، زاد مقاتل قوله: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ} الآية، وقوله: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً} الآية، وقيل: كان يقول لسورة النحل سورة النِّعم، لكثرة تعداد النعم فيها، وهي مئة وثمان وعشرون آية، وألفان وثمان مئة وأربعون كلمة، وسبعة آلاف وسبع مئة وسبعة أحرف.
والمقصود من هذه السورة (?): الدلالة على أنه تعالى تام القدرة والعلم، فاعل بالاختيار، منزه عن شوائب النقص، وأدل ما فيها على هذا المعنى أمر النحلة لما ذكر من شأنها في دقة الفهم، من ترتيب بيوتها ورحبها وسائر أمرها، من اختلاف ألوان ما يخرج منها من أعسالها، وجعله شفاءً، مع أكلها من الثمار النافعة والضارة، وغير ذلك من الأمور، ورسمها بالنعم واضح اهـ "خطيب".
المناسبة: ووجه المناسبة بين هذه السورة والسورة التي قبلها (?): أنه لما قال في السورة السالفة: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92)} كان ذلك تنبيهًا إلى حشرهم يوم القيامة، وسؤالهم عما فعلوه في الدنيا، فقيل: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا