[42]

يخلف وهو ناصرهم وخاذل أعدائه، كما قال: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا}، وقال: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} ومحاسبهم في يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات، يوم يخرجون من قبورهم للحساب أمام الواحد القهار، وترى حال المجرمين يجل عن الوصف، وهذا الذي قصصته عليكم تبليغ وإنذار؛ ليتذكر به ذوو العقول الراجحة، وليعلموا أن الله واحد لا شريك له.

التفسير وأوجه القراءة

42 - {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ}؛ أي: ولا تظنن الله سبحانه وتعالى يا محمد أو أيها المخاطب {غَافِلًا}؛ أي: ساهيًا {عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} من ظلمهم، فلا ينتقم منهم، والظالمون أهل مكة وغيرهم من كل أهل شرك وظلم، وهو خطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمعنى: دم على ما كنت عليه من عدم حسبانه تعالى غافلًا عن أعمالهم، ولا تحزن بتأخير ما يستحقونه من العذاب الأليم. {تَحْسَبَنَّ} قرئ بفتح السين وكسرها قراءتان سبعيتان، وكذا يقال: في قوله الآتي: {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ}. اهـ. شيخنا. والغفلة (?): معنى يمنع الإنسان من الوقوف على حقائق الأمور. وقيل: حقيقة الغفلة سهو يعتري الإنسان من قلة التحفظ والتيقظ، وهذا في حق الله محال، فلا بدّ من تأويل الآية، فالمقصود منها أنه سبحانه وتعالى ينتقم من الظالم للمظلوم، ففيه وعيد وتهديد للظالم، وإعلام له بأن لا يعامله معاملة الغافل عنه، بل ينتقم ولا يتركه مغفلًا. قال سفيان بن عيينة: فيه تسلية للمظلوم وتهديد للظالم.

فإن قلت: تعالى الله عن السهو والغفلة، فكيف يحسبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غافلًا وهو أعلم الناس به أنه لم يكن غافلًا حتى قيل له: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}؟

قلتُ: إذا كان المخاطب به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففيه وجهان:

أحدهما: التثبيت على ما كان عليه من أنه لا يحسب الله غافلًا، فهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015