مِصْرًا}؛ أي: انحدروا واخرجوا من التيه، وانزلوا إن كنتم تريدون هذه الأشياء مصرا من الأمصار، وانزلوا بلدة من البلدان؛ لأنكم في البرية فلا يوجد فيها ما تطلبون، وإنما يوجد ذلك في الأمصار والبلدان، وليس المراد هنا مصر فرعون؛ لقوله تعالى: {يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} وإذا وجب عليهم دخول تلك الأرض، فكيف يجوز دخول مصر فرعون وهو الأظهر. وقيل: مصر فرعون الذي خرجتم منه، وصرفه حينئذ مع وجود السبيين، وهما: العلمية والتأنيث المعنوي لإرادة البلد، أو لسكون وسطه، كنوح، ولوط، وفيها العجمة والتعريف، ويؤيده أنه غير منون في مصحف ابن مسعود - رضي الله عنه - وعبارة «الروح» هنا: والمصر: (?) البلد العظيم من مصر الشيء يمصره؛ أي: قطعه سمي به؛ لانقطاعه عن الفضاء بالعمارة، وقد تسمى القرية مصرا، كما تسمى المصر قرية، وهو ينصرف ولا ينصرف، فصرف ههنا؛ لأن المراد به غير معين. وقيل:

أريد به مصر فرعون، وإنما صرف؛ لسكون وسطه، كهند، ودعد، ونوح؛ أو لتأويله بالبلد دون المدينة، فلم يوجد فيه غير العلمية. انتهى. قال أبو حيان:

فتلخّص من قراءة التنوين أن يكون مصرا غير معين لا من الشام ولا من غيره، أو مصرا غير معين من أمصار الشام، أو معينا وهو بيت المقدس، أو مصر فرعون، فهذه أربعة أقوال. انتهى.

وقرأ الجمهور (?): {اهْبِطُوا} بكسر الباء، لأنه من باب ضرب. وقرىء بضم الباء على أنه من باب دخل وهما لغتان، والأفصح الكسر، والجمهور على صرف مصرا هنا. وقرأ الحسن، وطلحة، والأعمش، وأبان بن تغلب بغير تنوين، وبيّن كذلك في مصحف أبي بن كعب، ومصحف عبد الله، وبعض مصاحف عثمان {فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ} تعليل للأمر بالهبوط؛ أي: فإن لكم فيه ما سألتموه من بقول الأرض ونباتها، ثم قال تعالى منبها على ضلالهم، وفسادهم، وبغيهم، وعدوانهم: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ}؛ أي: جعلت على فروع بني إسرائيل الذين كانوا في عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم {الذِّلَّةُ}؛ أي: الذل والهوان بضرب الجزية عليهم، وإلزامهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015