قبلها (?): أن الله سبحانه وتعالى، لما ذكر الكفرة من أهل الكتاب، وما حل بهم من العقوبة، أخبر بما للمؤمنين من الأجر العظيم، دالا على أنه يجزي كلا بفعله.

وعبارة المراغي هنا مناسبتها لما قبلها: أنه لما ذكر (?) باللائمة على اليهود في الآيات السالفة، وبين ما حاق بهم من الذل والمسكنة، وما نالهم من غضب الله جزاء ما اجترحوه من السيئات، من كفر بآيات الله تعالى، وقتل للنبيين، وعصيان لأوامر الدين، وترك لحدوده، ومخالفة لشرائعه. ذكر هنا حال المستمسكين بحبل الله - الدين المتين - من كل أمة، وكل شعب، ممن اهتدى بهدي نبي سابق، وانتسب إلى شريعة من الشرائع الماضية، وصدق في الإيمان بالله واليوم الآخر، وسطع على قلبه نور اليقين، وأرشد إلى أنهم الفائزون بخيري الدنيا والآخرة.

قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ...} الآيتين، ذكر (?) سبحانه في هاتين الآيتين، جناية أخرى حدثت من أسلاف المخاطبين وقت التنزيل، ذاك أنه بعد أن أخذ الله عليهم المواثيق التي ذكرها بقوله: {وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسانًا}. إلخ. فقبلوها، وأراهم من الآيات ما فيه مقنع لهم؛ رفع الجبل فوقهم كالظلة حتى ظنوا أنه واقع بهم، وطلب إليهم التمسك بالكتاب، والعمل بما فيه بالجد والنشاط كي يعدّوا أنفسهم لتقوى الله ورضوانه، ثم كان منهم أن أعرضوا عن ذلك، وانصرفوا عن طاعته، ولولا لطف الله بهم لاستحقوا العقاب في الدنيا، وخسروا سعادة الآخرة، وهي خير ثوابا، وخير أملا، لكن وفقهم الله تعالى بعد ذلك فتابوا، ورحمهم فقبل توبتهم.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ...} الآيتين، وفي هاتين الآيتين وما يتلوهما بعد تعداد لنكث العهود، والمواثيق التي أخذت على بني إسرائيل، الذين كانوا في عهد موسى عليه السلام، وحل بهم جزاء ما عملوا، من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015