وجملة {خَلَقُوا كَخَلْقِهِ} صفة لـ {شُرَكَاءَ}؛ أي: بل أجعل هؤلاء المشركون لله سبحانه وتعالى شركاء وآلهة يستحقون العبادة معه تعالى خلقوا؛ أي: خلق أولئك الشركاء سماوات وأرضين وشمسًا وقمرًا وجبالًا وبحارًا وجنًّا وإنسًا كخلقه تعالى إياهن؛ أي: خلقوا مخلوقًا مماثلًا لما خلقه الله تعالى. {فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ}؛ أي: فاشتبه (?) عليهم مخلوق الله بمخلوق الشركاء حتى يقولوا: قدر هؤلاء على الخلق كما قدر الله عليه، فاستحقوا العبادة، فنتخذهم له شركاء، ونعبدهم كما يعبد، ولكنهم اتخذوا له شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الخلق فضلًا أن يقدروا على ما يقدر عليه الخالق. وهذا الاستفهام إنكاري (?)؛ أي: ليس الأمر كذلك حتى يشتبه عليهم الأمر، بل إذا تفكروا بعقولهم وجدوا الله تعالى هو المنفرد بخلق سائر الأشياء، والشركاء مخلوقون له أيضًا لا يخلقون شيئًا حتى يشتبه خلق الله بخلق الشركاء، وإذا كان الأمر كذلك .. فقد لزمتهم الحجة؛ وهو قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}. والمعنى؛ أي: بل (?) أخلق أوثانكم التي اتخذتموها معبودات من دون الله خلقًا كخلقه، فاشتبه عليكم أمرها فيما خلقت وخلق الله، فجعلتموها له شركاء من أجل ذلك، أم أن بكم الجهل والبعد عن الصواب؛ إذ لا يخفى على من له مسكة من العقل أن عبادة ما لا يضر ولا ينفع من الجهل بحقيقة المعبود ومن يجب له التذلل والخضوع والإنابة والزلفى والإخبات إليه، وإنما الواجب عبادة من يرجى نفعه ويخشى عقابه وضره، وهو الذي يرزقه ويمونه آناء الليل وأطراف النهار، وإذا كان الأمر كذلك كان حكمهم بكونها شركاء لله في الألوهية محض الجهل.

ثم ذكر فذلكة لما تقدم، ونتيجة لما سبق من الأدلة والأمثال التي ضربت بها، فقال: {قُلِ} يا محمد لهؤلاء المشركين مبيِّنًا لهم وجه الحق {اللَّهُ} سبحانه وتعالى {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} من الأجسام والأعراض، لا خالق غير الله فيشاركه في العبادة؛ أي: الله خالقكم وخالق أوثانكم، وخالق كل شيء مما يصح أن يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015