[2]

المستعد والقابل دون المنكر والباطل. والمعنى (?): ولكن أكثر الناس لا يصدقون بما أنزل عليك من ربك، ولا يقرون بهذا القرآن وما فيه من بديع الأمثال والحكم والأحكام التي تناسب مختلف العصور والأزمان، والتي لو سار الناس على سننها لسعدوا في الدنيا والآخرة، وقد سلك المسلمون سبيلها في عصورهم الأولى، فكانوا خير أمة أخرجت للناس، وامتلكوا أكثر المعمور في ذلك الحين، وثلُّوا عروش كسرى والروم، ودانت لهم الرقاب، وساسوا الملك سياسة شهد لهم أعداؤهم بأنها كانت سياسة عدل ورفق، وأخذٍ على يد الظالم لإنصاف المظلوم، فلله دين رفع من قدر أهله حتى أوصلهم إلى السماكين، ولكن خلف من بعدهم خلف أضاعوا معالمه، وألقوها ورائهم ظهريًّا، فحاق بهم ما كانوا يكسبون، وصاروا أذلة بعد أن كانوا أعزة، ومستعبدين بعد أن كانوا سادة، تابعين بعد أن كانوا متبوعين {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} والآية بمعنى قوله: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103)}.

2 - ثم ذكر سبحانه وتعالى أدلة على وجوده ووحدانيته وقدرته؛ بعضها سماوي، وبعضها أرضي، وذكر من الأولى ثلاثة أمور:

الأول منها: ما ذكره بقوله: {اللَّهُ}؛ أي: الإله الذي يستحق منكم العبادة أيها العباد هو الإله {الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ} السبع؛ أي: خلقها (?) مرفوعة بينها وبين الأرض مسيرة خمس مئة عام، لا أن تكون موضوعة فرفعها؛ أي: خلقها ورفعها {بِغَيْرِ عَمَدٍ} ودعائم وأساطين {تَرَوْنَهَا}؛ أي: ترون أيها العباد تلك العمد، فالضمير راجع إلى العمد، والجملة صفة لها؛ أي: خلق السموات حالة كونها خالية من عند مرئية، وانتفاء العمد المرئية يحتمل أن يكون لانتفاء العمد والرؤية جميعًا؛ أي: لا عمد لها فلا ترى، ويحتمل أن يكون لانتفاء الرؤية فقط بأن يكون لها عماد غير مرئي؛ وهو القدرة، فإنه تعالى يمسكها مرفوعة بقدرته، فكأنها عماد لها، أو العدل؛ لأن بالعدل قامت السماوات والأرض؛ أي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015