كل خير لمن تدبره وأمعن في النظر فيه، وتلاه حق تلاوته، فهو مرشد إلى الحق، وهادٍ إلى سبيل الرشاد وعمل الخير والصلاح في الدين والدنيا {و} كان {رحمة} خاصة {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} به في دينهم ودنياهم؛ لأنهم هم الذين ينتفعون به. وقيل المعنى: {وَهُدًى}؛ أي: سبب هداية في الدنيا {وَرَحْمَةً}؛ أي: سببًا لحصول الرحمة في الآخرة، والخاضعون لها من غير المؤمنين يكونون في ظلها آمنين على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، أحرارًا في عقائدهم وعباداتهم، مساوين للمؤمنين في حقوقهم ومعاملاتهم، يعيشون في بيئة خالية من الفواحش والمنكرات التي تفسد الأخلاق وتعبث بالفضائل. وانتصاب الأربعة بعد {لكن} للعطف على خبر {كَانَ}. وقرأ حمران ابن أعين وعيسى الكوفي فيما ذكر صاحب "اللوامح" وعيسى الثقفي فيما ذكر ابن عطية: {تصديق وتفصيلُ وهدى ورحمةٌ} - برفع الأربعة -؛ أي: ولكن هو تصديق وهذه القراءة شاذة. والجمهور بالنصب على إضمار كان؛ أي: ولكن كان تصديق الخ.
الإعراب
{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)}.
{رَبِّ}: منادى مضاف حذف منه حرف النداء للتخفيف منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة اجتزاء عنها بالكسرة، وهو مضاف، وياء المتكلم المحذوفة في محل الجر مضاف إليه، وجملة النداء في محل النصب مقول {قاَلَ}. {قَدْ} حرف تحقيق. {آتَيْتَنِي} فعل وفاعل ومفعول أول ونون وقاية. {مِنَ}: حرف جر وتبعيض. {الْمُلْكِ}: مجرور بـ {مِنَ}: الجار والمجرور متعلق بـ {آتَيْتَنِي} على كونه مفعولًا ثانيًا له؛ لأنه بمعنى أعطى، وقيل: {مِنَ} زائدة، وقيل المفعول الثاني محذوف تقديره: عظيمًا من الملك كما ذكره أبو البقاء. والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جواب النداء. {وَعَلَّمْتَنِي}: فعل وفاعل ومفعول أول، والجملة معطوفة على جملة {آتَيْتَنِي}. {مِنْ}: زائدة. {تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}: مفعول ثان