نصر بن عاصم والحسن وأبو حيوة وابن السميقع ومجاهد وعيسى وابن محيصن: {فنجا} جعلوه مخفف الجيم فعلًا ماضيًا مبنيًّا للفاعل، وفاعله {مَنْ} الموصولة. وقال أبو عمرو الداني: وقرأت لابن محيصن: {فنَجَّى} - بشد الجيم - فعلًا ماضيًا مبنيًّا للفاعل على معنى: فنَجَّى النصر من نشاء، وفاعله النصر المعلوم من السياق وهي قراءة شاذة. وذكر الداني أن المصاحف متفقة على كتابتها بنون واحدة. وفي "التحبير" أن الحسن قرأ شذوذًا: {فَنُنَجّي} - بنونين الثانية مفتوحة والجيم مشددة والياء ساكنة - مضارع نجى المضعف. وقرأ أبو حيوة شاذًا: {من يشاء} - بالياء -؛ أي: فنجي من يشاء الله نجاته، ومن يشاء نجاتهم هم المؤمنون لقوله تعالى: {وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}؛ أي: ولا يرد عذابنا عن القوم المشركين إذا نزل بهم. وقرأ الحسن شذوذًا: {بأسه} بضمير الغائب؛ أي: بأس الله. وهذه الجملة فيها وعيد وتهديد لمعاصري الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: ولا يُمنع عقابنا وبطشنا عن القوم الذين أجرموا، فكفروا باللهِ وكذبوا رسله، وما أتوهم به من عند ربهم.
وقد جرت سنة الله أن يبلغ الرسل أقوامهم، ويقيموا عليهم الحجة، وينذروهم سوء عاقبة الكفر والتكذيب، فيؤمن المهتدون ويصر المعاندون، فينجي الله الرسل ومن آمن من أقوامهم، ويهلك المكذبين، ولا يخفى ما في الآية من التهديد والوعيد لكفار قريش ومن على شاكلتهم من المعاصرين للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
111 - واللامُ في قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ}: موطئة للقسم. {فِي قَصَصِهِمْ} - بفتح القاف -: مصدرُ قصَّ الخبر؛ إذا حدث به؛ أي: قصص يوسف وإخوته وأبيه عليهم السلام وخبرهم. وقرىء شاذًا بكسر القات جمع قصة؛ أي: قصص الأنبياء وأممهم؛ أي: وعزتي وجلالي لقد كان في قصص يوسف مع أبيه وإخوته وخبرهم {عِبْرَةٌ} أي: عظة عظيمة {لِأُولِي الْأَلْبَابِ}؛ أي: لأصحاب العقول الكاملة الراجحة والأفكار الثاقبة؛ لأنهم هم الذين يعتبرون بعواقب الأمور التي تدل عليها أوائلها ومقدماتها، أما الأغرار الغافلون فلا يستعملون عقولهم في النظر والاستدلالات، ومن ثم لا يفيدهم النصح.