[40]

الحجةَ القاهرة على طريق الاستفهام, لأنهما كانا ممن يَعبُد الأصنام، وقد قيل: إنه كان بَيْنَ أيديهما أصنامٌ يعبدونها، عند أن خاطبهما بهذا الخِطَاب.

وعبارة المراغي: وهذا الاستفهام لتقرير ما يذكر بعده، وتوكيده، والمرادُ بالتفرق التفرقُ في الذوات، والصفات المعنوية التي يَنْعتونهم بها، والصفات الحسية التي يصوِّرها لهم بها الكَهَنة والرؤساء من رسوم منقوشة وتماثيل منصوبة في المعابد والهياكل.

والمعنى (?): أأرباب كثيرون متفرِّقون شأنهم التنازعُ والاختلاف في الأعمال، والتدبير الذي يُفْسِدُ النظام خير لكما, ولغيركما فيما تطلبون من كشف الضر، وجلب النفع، وكلِّ ما تحتاجون فيه إلى المعونة من عالم الغيب، أم اللَّهُ الواحدُ الأحدُ الفردُ الصمد الذي لا ينارع ولا يعارض في تصرفه، وتدبيره، وله القدرة التامَّةُ، والإرادةُ العامَّةُ، وهو المسخر لجميع القوى، والنواميس الظاهرة التي تَقُوم بها نظم العوالم السماوية، والأرضية، من نور وهواء وماء، والغائبة عنا كالملائكة، والشياطين مما كان الجهل بحقيقتها، هو سبب عبادتها، والقولُ بربوبيتها, ولا شكَّ أنَّ الجوابَ عن هذا مما لا يختلف فيه عاقلٌ، فلا خيرَ في تفرق المعبودات التي لا تستطيع ضرًّا ولا نفعًا في السموات والأرض.

40 - ثم بين لهما أنَّ ما يعبدونه، ويسمونه آلهة إنما هي جَعْلٌ منهم، وتسمية من تلقاء أنفسهم، تَلَقَّاها خلف عن سلف، ليس لها مستندٌ من العقل، ولا الوحي السماويّ فقال: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ}؛ أي: ما تعبدون من دون الواحد القهار {إِلَّا أَسْمَاءً} لمسميات {سَمَّيْتُمُوهَا}؛ أي: وضعتموها {أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} من قِبَلِكُم وتحملتموها صفات الربوبية، وأعمالها، وما هي بأرباب تَخْلُق، وترزق وتضر وتنفعُ {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}؛ أي: ما أنزل الله حجةً وبرهانًا على أحد من رسله بتسميتها أربابًا، حتى يقالَ: إنكم تتبعونها تعبدًا له وحده، وطاعةً لرسله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015