يطلُبِ النجاةَ العامَّة؟ أجيب: بأنه اطَّلَعَ على أنَّ السِّجْنَ محتمٌ عليه، فدعا به، لأن النبيَّ لا ينطِقُ عن الهوى ذكره "الصاوي". وقرأ عثمان (?)، ومولاه طارقٌ، وزيد بن علي، والزهري، وابن أبي إسحاق، وابن هرمز، ويعقوب: {السَّجْنِ} بفتح السين، وهو مصدر سجن؛ أي: حبسُهم إيَّايَ في السجن أحب إليّ، وأفعل التفضيل هنا ليس على بابه من التفضيل؛ لأنه لم يحب (?) ما يَدْعُونَهُ إليه قط، وإنما هذان شران فآثر أحدَ الشرين على الآخر، وإن كان في أحدهما مشقَّةٌ، وفي الآخر لَذَّة لكن لما يترتَّبُ على تلك اللذة من معصية الله، وسوء العاقبة لَمْ يُخْطُرْ له ببال. وإسناد (?) الدعوة إليهن جميعًا؛ لأنهن خَوَّفْنَه من مخالَفَتِها، وزيَّنَّ له مُطاوَعَتها أو دَعَوْنَهُ إلى أنفسهن، وقيل: إنما ابتلي بالسجن لقوله: {هذا} وإنما كان الأولى له أن يسأل الله العافِيَة من شرها, ولذلك رَدَّ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على مَنْ كان يسأل الصبرَ.

{وَإِلَّا تَصْرِفْ}؛ أي: وإنْ لم تصرف وتدفع {عَنِّي} يا إلهي {كَيْدَهُنَّ} ومكرهن؛ أي: وإن لم تبعد عني شِراكَ كيدهن، وتثبتني على ما أنا عليه من العصمة {أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} مجزوم على أنه جواب الشرط؛ أي: أمِلْ إلى موافقتهن على أهوائهن، وأقَعُ في شباكِ صيدهن، وأرتَعُ في حمأة غوايتهن، وقد لجأ يوسف إلى ألطاف ربه، وسلكَ سبيل المرسلينَ من قبله في فزعهم إلى مولاهم، لينيلهم الخيرات، ويُبعُدَ عنهم الشرور، والموبقات، وإظهارَهم أن لا طاقةَ لهم إلا بمعونته سبحانه مبالغةً في استدعاء لطفه، وعظيم كرمه ومنِّه. {وَأَكُنْ}؛ أي: وأصر {مِنَ الْجَاهِلِينَ}؛ أي: من الذين لا يعملون بعِلْمهم؛ لأنَّ من لا جدوى لعلمه فهو ومَنْ لا يعلم سواء؛ أي: من السفهاءِ الذين تستخِفُّهم الأهواء والشهوات، فيَجْنَحُون إلى ارتكاب الموبقات، واجتراح السيئات، فمَنْ يعِشْ بين هؤلاءِ النسوة الماكرات المترفات، لا مهربَ له من الجهل إلّا أن تَعْصِمَهُ بما هو فوقَ الأسباب، والسنن العادية. وقرىء (?): {أصب إليهن} من صبب صبابةً فأنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015