الرحيق المختوم بسموم وحميم، وظلٍّ من يحموم، وعن الحور العين بطعام من غسلين، وعن قربِ الرحمن بعقوبة الملك الديان.
وفي "الفتوحات": كلمةُ {لَا جَرَمَ} ورَدَتْ (?) في القرآن في خمسة مواضع متلوةً بأنَّ واسمها, ولم يجيء بعدها فعل، واختلف فيها، فقيل: {لا} نافية لما تقدمَ، وقيل: زائدةٌ، قاله في "الإتقان"، اهـ "كرخي".
وعبارة "أبي السعود" {لَا جَرَمَ} فيها ثلاثة أوجه:
الأول: أن (لا) نافية لما سبق، و (جرم) فعل ماض بمعنى حقَّ وثَبَتَ، و (أنَّ) وما في حيزها فاعله؛ أي: حقَّ وثبَتَ كونُهم في الآخرة هم الأخسرين، وهذا مذهب سيبويه.
والثاني: أنَّ {جَرَمَ} بمعنى كَسَبَ وما بعده مفعولُه، وفاعله ما دلَّ عليه الكلام؛ أي: كَسَب ذلكَ خسرانهم، والمعنى ما حَصَل من ذلك إلا ظهورُ خسرانهم.
والثالث: أنَّ (لا جرم) بمعنى لا بدَّ؛ أي: لا بدَّ أنهم في الآخرة هم الأخسرون، اهـ.
وفي "الخطيب" ما نصه: قال الفراء: إن {لَا جَرَمَ} بمنزلة قولنا: لا بُدَّ ولا محالةَ ثم كَثُرَ استعمالُها حتى صارت بمنزلة حقًّا، تقول العرب: لا جَرمَ أنك مُحْسِنُ، على معنى حقًّا أنك محسن، اهـ وسيأتي بقية مباحثها في مبحث الإعراب إن شاء الله تعالى.
23 - وبعد أن بيَّنَ حالَ الكافرينَ وأعمالَهم ومآلهم .. بيَّنَ حالَ المؤمنين، وعاقبةَ أمرهم، فقال {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} وصدقوا الله ورسوله {وَعَمِلُوا} في الدنيا {الصَّالِحَاتِ} أي الأعمال الصالحة فأتوا بالطاعات وتركوا المنكرات {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ}؛ أي: خشعت نفوسُهُم واطمأنت إلى ربهم؛ أي (?): إنَّ الذين آمنوا بكل ما يجب الإيمانُ به، وأتَوا بالأعمال الصالحات، بامتثال المأمورات، واجتناب المنهيات، واطمأنَّتْ قلوبُهُم عند أداء الأعمال إلى ذكر الله، فارغةً عن الالتفات