فكيف يَصُدُّون الناس عن طريق الحق، وهم على الباطل البَحْتِ؟ وتكريرُ الضمير لتأكيد كفرهم، واختصاصهم به، حتى كان كفر غيرهم غيرَ مُعتدٍّ به، بالنسبة إلى عَظيم كفرهم
20 - {أُولَئِكَ} الموصوفون بتلك الصفات السابقة يعني المفترينَ على الله الصادينَ عن سبيل الله {لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ} الله {فِي الْأَرْضِ}؛ أي: ما كانوا يعجزون اللَّهَ في الدنيا، إن أرادَ عقوبتهم؛ أي: إن هؤلاء الذين يصُدون عن سبيل اللَّهِ لم يكونوا بالذين يعجزون رَبهم، بهربهم منه في الأرض، إذا أراد عِقَابَهم بل هم في قبضته وملكه لا يمتنعون منه إذا أرادهم، ولا يفوتونه هربًا إذا طلبهم {وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} يدفعون عنهم ما يريده الله سبحانه من عقوبتهم، وإنزالِ بأسِه بهم؛ أي: ولم يكن لهم أنصار ينصرونهم من دونه، وَيحُولُون بَيْنَهم وبَيْنَه إذا هو عذَّبهم، وجملة قوله: {يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ} من أجل ضلالهم وإضلالهم، مستأنفة لبيان أنّ تأخير العذاب والتراخيَ عن تعجيله لهم، ليكون عذابًا مضاعفًا يعني الرؤساءَ الصَّادِّين عن سبيل الله، وذلك لإضلالهم أتباعَهم، واقتداء غيرهم بهم؛ أي: إنَّ عدمَ (?) نزول العذاب ليسَ لأجْلِ أنهم قَدَرُوا على منع الله من إنزال العذاب بالفرار وغيره، ولا لأجل أن لهم ناصرًا يمنع العذابَ عنهم، كما زعموا أنَّ الأصْنَامَ شفعاؤُهُم عند الله، بل لأنه تعالى أمهلَهم كي يتوبوا عن كفرهم، فإذا أبوا إلَّا الثباتَ عليه، فلا بد من مضاعفة العذاب في الآخرة كما قال تعالى: {يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ}؛ أي: يُزَاد عذابهم بسبب صدِّهم عن سبيل الله، وإنكارهم البعثَ بعد الموت، فيعذبون في الآخرة على ضلالهم في أنفسهم، وعلى إضلالهم غيرَهم، وهذا غيرُ خارج عن قوله تعالى: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا}.
وقرأ ابن كثير، وابن عامر، ويزيد، ويعقوب (?): {يُضعَّف} بلا ألف مع تشديد العين. ثمَّ بين علّةَ هذه المضاعفة بقوله: {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ}؛ أي: ما كانوا يستطيعون إلقاء أسماعهم إلى القرآن إصغاءً لدعوة الحق، لاسْتحواذ الباطل على أنفسِهم، ورَيْنِ الكفر، والظلم على قلوبهم، كما حَكى الله عنهم