مَرْقُومٌ {فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}؛ أي: في لوح محفوظ، كَتَبَ الله تعالى فيه مقاديرَ الخَلْقِ كلِّها؛ أي: كلَّ ذلك مذكور في اللوح المحفوظ قبلَ خلقِها، وثابتٌ في عِلْم الله تعالى.
وكأنه أريد بهده الآية ببيان كونه عالمًا بالمعلومات كلها (?)، وبما بعدَها بيانُ كونه قادرًا على الممكنات بأسرها، تقريرًا للتوحيد، ولما سبَقَ من الوعد والوعيد،
7 - ثُمَّ أكَّدَ دلائلَ قدرته بالتعرض لذِكْر خلق السموات والأرض، وكيف كان الحالُ قبلها، فقال: {وَهُوَ} سبحانه وتعالى الإلهُ {الَّذِي خَلَقَ} وأوجد {السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} وأنشأهما على غير مثال سبق، أي: خلقهما وما فيهما {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} من أيام الله في الخلق والتكوين، وما شاء من الأطوار، لا مِنْ أيَّامِنا في هذه الدار التي وجدت بهذا الخلق، لا قَبْلَه، فلا يصح أنْ تُقدَّر أيامُ الله بأيامِنا المعروفَةِ، وهي المقابلة للَّيالي؛ لأنه لم يكُنْ حينئذ لا أرْضٌ ولا سماء، ويؤيِّد هذا قَوْلُه تعالى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}، وقوله: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)}.
وكانَ خَلْقُ السموات في يومين والأرضين في يومين، وما عليهما من أنواع الحيوان، والنبات، والجماد في يومين، كما سيأتي في {حم (1)} السجدة.
{وَكَانَ عَرْشُهُ} سبحانَه وتعالى؛ أي: كَانَ عَرْشُه قبل خَلْقِهما {عَلَى الْمَاءِ} الذي تحت الأرضين السبع، لم يكن حائل بَيْنَهُما، لا أنه كان موضوعًا على مَتْن الماءِ، بَل هُو في مكانه الذي كان فيه الآن، وهو ما فوقَ السمواتِ السبع، والماءُ في المكان الذي هو فيه الآن، وهو ما تَحْتَ الأرضينَ السبع، وفيه بيانُ تقدم خَلْقِ العرش والماء على السموات والأرضين، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "كان الله، وما كان معه شيءٌ ثُمَّ كان عَرْشه على الماء"؛ أي: والعرش الذي هو أعظمُ المخلوقات قد أمْسَكَهُ الله تعالى فَوْقَ سبع سموات من غير دِعامةٍ تحته، ولا عِلاقة فوقه، وذلك يَدُلُّ على كمال قدرته تعالى.