ذلك بذكر طبيعة الإنسان في ذلك، وهي: أنه إذا أصابته نعماء، ثم نزعت منه، قَنَطَ من روح الله, وكفر بها، وإذا أَذاقه نِعْمَةً بعد بؤس، بَطرَ وفَخَرَ، هكذا شأن الإنسان، إلا من صبرَ، وشكر، وعمِلَ صالحًا.

قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ ...} الآيات، مناسبةُ هذه الآيات لما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى لمَّا ذَكَرَ في بَدْءِ السورة قولهم في القرآن: {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} وأنهم {يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} كي لا يسمعوه .. أردفَ ذلك بذكر تكذيبهم للرسول - صلى الله عليه وسلم - والقرآن، وبيان أنَّ همه وحزنَه - صلى الله عليه وسلم - مِنْ كلامهم، قد بلغ كل مبلَغ، ثمَّ أعقبَه بتحديه لهم بالقرآن، كي يأتوا بعشر سور مثله، حتَّى إذا ما عجزوا، عُلِمَ أنَّه وحيٌ من عند الله تعالى.

قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (?): أنها لا تتعلق أطماعُهم بأن يَتْرُك بعضَ ما يوحي إليه، إلا لدَعْوَاهم أنه ليس من عند الله، وأنه الذي افتراه، وإنَّما تَحدَّاهم أولًا بعشر سور مفتريَاتٍ قبل تحديهم بسورة؛ إذْ كانَت هذه السورة مكيةً، والبقرة مدنيةً، وسورةُ يونسَ أيضًا مكيةً، ومقتضى التحدي بعشر: أن يكونَ قبل طلب المعارضَةِ بسورة، فلَمَّا نسبوه إلى الافتراء طلبَ منهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفترياتٍ إرخاء لعنانهم، وكأنه يقول: هبوا أنِّي اختلقته، ولم يوحَ إلَيَّ فأتوا أنتم بكلام مثلِهِ مختلَق من عند أنفسكم، فأنتم عَرَبٌ فصحاء مثلي، لا تَعجزُون عن مثلِ ما أقدِر عليه من الكلام.

قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها؛ أنه تعالى لما ذكر شيئًا من أحوال المنافقينَ في القرآن .. ذَكَرَ شيئًا من أحوالهم الدنيوية، وما يؤولون إليه في الآخرة.

وعبارة المراغي هنا: مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015