عذاب الله، أو شيئا مّا من الحقوق التي لزمت عليها. وإيراده منكرا مع تنكير النفس؛ للتعميم والإقناط الكليّ. قال تعالى: {لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ} وكيف تنفع وقد قال: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} (34) الآية.
وقرأ ابن السّماك العدويّ (?): {لا تَجْزِي} من أجزأ؛ أي: أغنى. وقيل: جزى، وأجزأ بمعنى واحد {وَلا يُقْبَلُ مِنْها}؛ أي: من النفس الأولى المؤمنة. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو {ولا تقبل} بالتاء المثناة الفوقية، وهو القياس، والأكثر؛ لأنّ الشفاعة مؤنثة. وقرأ الباقون بالياء التحتية، فهو أيضا جائز فصيح، لمجاز التأنيث، وحسنه أيضا الفصل بين الفعل ومرفوعه. وقرأ سفيان (?): {ولا يقبل} بفتح الياء، ونصب شفاعة على البناء للفاعل، وفي ذلك التفات، وخروج من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب؛ لأن قبله {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ} وبناؤه للمفعول أبلغ؛ لأنه في اللفظ أعمّ، وإن كان يعلم أن الذي لا يقبل هو الله تعالى؛ أي: ولا يقبل من النفس المؤمنة {شَفاعَةٌ} للنفس الثانية الكافرة، إن شفعت عند الله تعالى، لتخليصها من عذابه؛ أي: لا توجد منها شفاعة فتقبل، ولا يؤذن لها فيها، والشفاعة: طلب الخير من الغير للغير، فلا (?) شفاعة في حق الكافر، بخلاف المؤمن. قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فمن كذب بها لم ينلها» والآيات الواردة في نفي الشفاعة خاصّة بالكافر: وسبب الآية كما مرّ: أن اليهود كانوا يقولون: يشفع لنا آباؤنا الأنبياء فآيسهم الله تعالى عن ذلك، لأن الأصول لا تنفع الفروع، إلا إذا كان مع الفروع إيمان {وَلا يُؤْخَذُ مِنْها}؛ أي: من النفس الكافرة المشفوع لها، وهي الثانية العاصية {عَدْلٌ}؛ أي: فداء من عذاب الله من مال، أو رجل مكانها، أو توبة تنجو بها من النار.
والعدل بالفتح مثل الشيء من خلاف جنسه، وبالكسر مثله من جنسه، وسمّي به