وعلى ترك المساعدة لمن يحاربك. وقيل: هي وللتبعيض؛ لأنَّ المعاهدة مع بعض القوم، وهم الرؤساء والأشراف {ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ في كُلِّ مَرَّةٍ} من مرات المعاهدة {وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ} الله؛ أي: لا يخافون عقاب الله تعالى في نقض العهد، أو لا يخافون (?) سبة الغدر وما فيه من العار والنار؛ لأنَّ عادة من يرجع إلى دين وعقل وحزم .. أن يتقي نقض العهد، حتى يسكن الناس إلى قوله ويثقون بكلامه، فبيَّن الله عَزَّ وَجَلَّ أنَّ مَنْ جمع بين الكفر ونقض العهد .. فهو من شرِّ الدَّواب.
وجعلهم شرَّ الدواب لا شرَّ الناس؛ إيماءً إلى انسلاخهم عن الإنسانية، ودخولهم في جنس غير الناس من أنواع الحيوان؛ لعدم تعقلهم بما فيه رشادهم.
والمعنى (?): إنَّ هؤلاء الكافرين الذين هم شر الدواب عند الله تعالى .. هم هؤلاء الذين عاهدت منهم؛ أي: أخذت منهم عهدهم على ترك محاربتك والمساعدة لمن يحاربك، ثم هم ينقضون عهدهم الذي عاهدتهم في كل مرة من مرات المعاهدة، والحال أنهم لا يتقون النقض، ولا يخافون عاقبته، ولا يتجنبون أسبابه.
قال ابن عباس رضي الله عنهما (?): هم قريظة، فإنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عاهد يهود بني قريظة أن لا يحاربوه ولا يعاونوا عليه، فنقضوا العهد، وأعانوا عليه مشركي مكة بالسلاح يوم بدر، ثم قالوا: نسينا وأخطأنا، ثم عاهدهم مرةً ثانية فنقضوا العهد أيضًا، وساعدوا معهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق، وانطلق كعب بن الأشرف إلى مكة، فحالفهم على محاربة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وحاصل معنى الآيتين: أنّ شرَّ ما يدبّ على وجه الأرض في حكم الله وعدله هم الكافرون الذين اجتمعت فيهم صفتان:
- الإصرار على الكفر والرسوخ فيه، بحيث لا يرجى إيمان جملتهم، أو