بسياطٍ من نار {و} حالة كون الملائكة تقول لهم وقتئذٍ: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}؛ أي: باشروا العذاب المحرق وادخلوه أيها الكفرة. وجواب لو محذوف، تقديره: لرأيت أمرًا عظيمًا، ومنظرًا فظيعًا، وعذابًا شديدًا ينالهم في ذلك الوقت. واختلفوا (?) في وقت هذا الضرب، فقيل: هو عند الموت، تضرب الملائكة وجوه الكفار وأدبارهم بسياط من نار، وقيل: إنَّ الذين قتلوا يوم بدر من المشركين كانت الملائكة تضرب وجوههم وأدبارهم. وقال ابن عباس: كان المشركون إذا أقبلوا بوجوههم إلى المسلمين .. ضربت الملائكة وجوههم بالسيوف، وإذا ولَّوا أدبارهم .. ضربت الملائكة أدبارهم. وقال ابن جريج: يريد ما أقبل من أجسادهم وأدبر، يعني: يضربون جميع أجسامهم، وتقول الملائكة لهم عند القتل: ذوقوا عذاب الحريق، قيل: كان مع الملائكة مقامع من حديد محماة بالنار يضربون بها الكفار، فتلتهب النار في جراحاتهم. وقال ابن عباس: تقول الملائكة لهم ذلك بعد الموت. وقال الحسن: هذا يوم القيامة، تقول لهم الزبانية: ذوقوا عذاب الحريق.
والمعنى (?): ولو عاينت وأبصرت يا محمَّد حال الكفار حين يتوفّاهم الملائكة، فينزعون أرواحهم من أجسادهم ضاربين وجوههم وأقفيتهم، قائلين لهم: ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون.
وقرأ ابن عامر والأعرج (?): {تتوفى} بالتاء، وذكر في قراءة غيرهما؛ لأن تأنيث الملائكة مجاز، وحسنه الفصل. وهذا الضرب والكلام من عالم الغيب، فلا يقتضي أن يراه الذين يحضرون وفاتهم، ولا أن يسمعوا كلامهم حين يقولون ذلك لهم؛ أي: لو رأيت ذلك .. لرأيت أمرًا عظيمًا هائلًا يرد الكافر عن كفره، والظالم عن ظلمه إذا هو علم عاقبة أمره.
وقد روي أن ضرب الوجوه والأدبار كان ببدر، كان المؤمنون يضربون من