والخلاصة (?): أنّ الله سبحانه وتعالى فعل ذلك؛ ليقدم كل منكم ومنهم على قتال الآخر، فهذا واثق بنفسه مدل ببأسه , وهذا متكل على ربه واثق بوعده، حتى إذا ما التقيتم ثبتكم وثبطهم؛ ليقضي بنصركم عليهم أمرًا كان في علمه مفعولًا، وهو أن تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، ومن ثم هيَّأ الأسباب وقدرها تقديرًا.
- فإن قلت (?) قد قال في الآية المتقدمة: {وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} وقال في هذه الآية: {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا}، فما فائدة هذا التكرار؟
قلتُ: المقصود من ذكره في الآية المتقدمة؛ ليحصل استيلاء المسلمين على المشركين على وجه القهر والغلبة؛ ليكون ذلك معجزةً دالة على صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمقصود من ذكره في هذه الآية: أنَّ الله سبحانه وتعالى قلل عدد الفريقين في أعين بعضهم بعضًا؛ للحكمة التي قضاها، فلذلك قال: {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا}.
{وَإِلَى اللَّهِ} سبحانه وتعالى، لا إلى غيره {تُرْجَعُ} بالبناء للمفعول؛ أي: ترد {الْأُمُورُ} كلها، يفعل فيها ما يريد، ويقضي في شأنها ما يشاء، ولا تجري على ما يظنه العبيد. وقرىء بالبناء للفاعل، أي: تفسير وترجع وتعود إلى الله تعالى في الآخرة، فيجازي كل عامل على قدر عمله، فالمحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، أو يغفر.
فائدة: فإن قيل (?): ما فائدة تكرار الرؤية ها هنا، وقد ذكرت في قوله: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ}؟
قلتُ: يجاب عنه بجوابين: