أشرافهم ليدخلوا دار الندوة فيتشاوروا في أمره، فاعترضهم إبليس في صورة شيخ كبير، فقالوا: من أنت؟ قال: أنا شيخ من أهل نجد، سمعت ما اجتمعم له، فأردت أن أحضركم، ولن تعدموا من رأيي نصحا، فقالوا: ادخل، فدخل معهم، فقالوا: انظروا في أمر هذا الرجل، فقال بعضهم: احبسوه في وثاق، وتربصوا به ريب المنون، فقال إبليس: ما هذا برأي يوشك أن يغضب له قومه، فيأخذوه من أيديكم، فقال قائل: أخرجوه من بين أظهركم، فتستريحوا من إيذائه لكم، فقال إبليس لا مصلحة لكم فيه، لأنه قد يجمع طائفة على نفسه، ويقاتلكم بهم، فقال أبو جهل: الرأي أن نجمع من كل قبيلة غلاما، ثم نعطي كل غلام سيفا فيضربوه به ضربة رجل واحد، فيفرق دمه في القبائل، فلا تقدر بنو هاشم على محاربة قريش كلها، فيرضون بأخذ الدية، فقال إبليس: هذا هو الرأي الصواب، فتفرقوا عن ذلك، وأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فأمره أن لا يبيت في مضجعه، وأخبره بمكر القوم، فلم يبت في مضجعه تلك الليلة، وأمر عليا فبات في مكانه، وبات المشركون يحرسونه، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلّم أذن الله له في الخروج إلى المدينة، وجاء المشركون لما أصبحوا، فرأوا عليّا فقالوا: أين صاحبك؟ قال: لا أدري، فاقتصوا أثره حتى بلغوا الجبل، فمروا بالغار، فرأوا نسج العنكبوت، فقالوا: لو دخله لم يكن عليه نسج العنكبوت، فأنزل الله عليه بعد قدومه المدينة، يذكره نعمته عليه {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ...} الآية. ذكره ابن هشام في «سيرته» (1/ 480 - 483) قال فيه، قال ابن إسحاق: حدثني به من لا أتهم من أصحابنا، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، وغيره ممن لا أتهم عن عبد الله بن عباس، ورواه أحمد في «مسنده» رقم (3251) مختصرا.

قوله تعالى: {وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه (?) ابن جرير عن سعيد بن جبير، قال: قتل النبي صلى الله عليه وسلّم يوم بدر صبرا عقبة بن أبي معيط، وطعيمة بن عدي، والنضر بن الحارث، وكان المقداد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015