على أدبارهم في بطء السير، وذلك لأنّ الجيش إذا كثر والتحم بعضه ببعض يتراءى أن سيره بطيء، وإن كان في نفسه سريعا، فالمراد من هذه الحال بعد كون المراد التشبيه ما يلزم هذه المشابهة، وهو: الكثرة.
ومنها: المجاز المرسل في قوله: {فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ} لما فيه من إطلاق اللازم، وهو تولية الظهر، وإرادة الملزوم، وهو الانهزام، فكأنه قال: فلا تنهزموا.
ومنها: التعريض في قوله: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} حيث عدل عن ذكر الظهر إلى الدبر تعريضا (?) بسوء حالهم، وقبح فعالهم، وخساسة منزلتهم، بذكر ما يستهجن ذكره، وهو الدبر، وبعض البيانيين يسمي هذا بالإيماء، وبعضهم بالكناية، وهذا ليس بشيء فإن الكناية أن تصرّح باللفظ الجميل على المعنى القبيح. ذكره في التحرير.
ومنها: الجناس المماثل في قوله: {فَلا تُوَلُّوهُمُ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ} وفي قوله: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} وفي قوله: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} وفي قوله: {سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ} والجناس المغاير في قوله: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا} وفي قوله: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ}.
ومنها: التكرار في قوله: {وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى} وفي وقوله: {لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ}.
ومنها: التهكم في قوله: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ} لأن الأصح أن يكون الخطاب للمشركين على سبيل التهكم، كقوله: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)} لأنهم هم الذين وقع بهم الهلاك، والفتح وقع لغيرهم.
ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} لأنه كناية (?) عن كونه أقرب للشخص من قلبه لذاته، بل هو تعالى