الحيلولة بين الإنسان وبين ما يشتهيه قلبه، فهو الذي ينبغي أن يستجاب له إذا دعا، إذ بيده تعالى ملكوت كل شيء، وزمامه، وفي ذلك حض على المراقبة، والخوف من الله تعالى والبدار إلى الاستجابة له، وقال مجاهد: يحول بين المرء وعقله، فلا يدري ما يعمل عقوبة على عناده، وقال السدي: يحول بين كل واحد، وقلبه فلا يقدر على إيمان ولا كفر إلا بإذنه، وقيل: غير ذلك، وقرأ ابن أبي إسحاق {بَيْنَ الْمَرْءِ} بكسر الميم اتباعا لحركة الإعراب، إذ في المرء لغتان فتح الميم مطلقا، وإتباعها حركة الاعراب، وقرأ الحسن، والزهري: {بين المرّ} بتشديد الراء من غير همز، ووجهه: أنه نقل حركة الهمزة إلى الراء، وحذف الهمزة، ثم شدها كما تشدد في الوقف، وأجرى الوصل مجرى الوقف {وَ} اعملوا {أَنَّهُ}؛ أي: أن الشأن {إِلَيْهِ} سبحانه وتعالى {تُحْشَرُونَ} في الآخرة للجزاء على أعمالكم، فيجازيكم بحسب مراتب أعمالكم، فسارعوا إلى طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم.
25 - {وَاتَّقُوا فِتْنَةً} أي بلية؛ أي: واحذروا سبب بلية إن أصابتكم {لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} خطاب للمؤمنين جميعا صلحائهم وغيرهم، والمراد بالفتنة العذاب الدنيوي كالقحط والغلاء وتسليط الظلمة، وغير ذلك؛ أي (?): واحذروا أيها المؤمنون فتنة إن نزلت بكم لم تقتصر على الظالمين خاصة بل تتعدى إليكم جميعا، وتصل إلى الصالح والطالح، واتقاء تلك الفتنة بالنهي عن المنكر، فالواجب على كل من رآه أن يزيله إذا كان قادرا على ذلك، فإذا سكت عليه فكلهم عصاة، هذا بفعله وهذا برضاه، وقد جعل الله تعالى الراضي بمنزلة العامل، فانتظم في العقوبة. وعلامة الرضا بالمنكر: عدم التألم من الخلل الذي يقع في الدين بفعل المعاصي، فلا يتحقق كون الإنسان كارها له إلا إذا تألم له تألمه لفقد ولده، أو ماله، فكل من لم يكن بهذه الحالة فهو راض بالمنكر، فتعمه العقوبة والمصيبة بهذا الاعتبار، وعبارة المراغي هنا: وبعد أن أمرنا الله سبحانه بتلك الأوامر، ونهانا عن النواهي التي تخص أعمال الإنسان الاختيارية أمرنا أن نتقي الفتن الاجتماعية، التي لا تخص الظالمين، بل تتعداهم إلى غيرهم، وتصل