وقيل المعنى (?): ما كان الله سبحانه وتعالى مهلك أهل القرى بظلم منه، فهو سبحانه وتعالى يتعالى عن الظلم، بل إنما يهلكهم بعد أن يستحقوا ذلك وترتفع الغفلة عنهم بإرسال الأنبياء، وقيل: المعنى أن الله لا يهلك أهل القرى بسبب ظلم من يظلم منهم مع كون الآخرين غافلين عن ذلك، فهو مثل قوله: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى}. {وَلِكُلٍّ} من (?) المكلفين من الجن والإنس مؤمنهم وكافرهم {دَرَجاتٌ} متفاوتة ومراتب مختلفة {مِمَّا عَمِلُوا}؛ أي: من جزاء أعمالهم خيرا أو شرا، فيجازيهم بأعمالهم وتفاوتها بنسبة بعضهم إلى بعض، أو بنسبة عمل كل عامل، فيكون هو في درجة، فيترقى إلى أخرى كاملة ثم إلى أكمل.
والمعنى (?): ولكل عامل بطاعة الله أو بمعصيته درجات؛ أي: منازل يبلغها بعمله إن كان خيرا فخير، وإن كان شرا فشر، وإنما سميت درجات؛ لتفاضلها في الارتفاع والانحطاط كتفاضل الدرج، وهذا إنما يكون في الثواب والعقاب على قدر أعمالهم في الدنيا، فمنهم من هو أعظم ثوابا، ومنهم من هو أشد عقابا، وهو قول جمهور المفسرين. وقيل: إن قوله تعالى:
132 - {وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} مختص بأهل الطاعة؛ لأن لفظ الدرجة لا يليق إلا بهم {وَما رَبُّكَ} يا محمد {بِغافِلٍ}؛ أي: بساه {عَمَّا يَعْمَلُونَ}؛ أي: عما يعمل المكلفون من الثقلين من أعمال الخير أو الشر. والغفلة (?) ذهاب الشيء عنك لاشتغالك بغيره. وقرأ ابن عامر: {تعملون} - بالتاء الفوقية - وقرأ الباقون بالتحتية؛ أي: فكل (?) عملهم يعلمه ربهم، وهو محصيه عليهم ومجازيهم بالسيئة سيئة مثلها، ويضاعف الحسنات من فضله عند لقائهم إياه ومعادهم إليه. وفي الآية: إيماء إلى أن مناط السعادة والشقاء هو عمل الإنسان ومشيئته،