والحكماء والمؤدبين الذين يؤدبون الناس عملًا لا فائدة فيه.
والخلاصة: أن تزيين الأعمال للأمم سنة من سنن الله جل شأنه، سواء في ذلك أعمالها وعاداتها وأخلاقها الموروثة والمكتسبة. {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}؛ أي: ثم إلى ربهم ومالك أمرهم رجوعهم ومصيرهم بعد الموت وحين البعث لا إلى غيره؛ إذ لا رب سواه، فينبئهم بما كانوا يعملون في الدنيا من خير أو شر، ويجزيهم عليه ما يستحقون، وهو تعالى بهم عليم.
109 - {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}؛ أي: وأقسم هؤلاء المشركون المعاندون بأوكد الإيمان وأشدها مبالغة، وكان إقسامهم بالله غاية في الحلف، وكانوا يقسمون بآبائهم وآلهتهم، فإذا كان الأمر عظيمًا ... أقسموا بالله تعالى، والمعنى: حلفوا غاية حلفهم وأوكده {لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ} من الآيات الكونية مما اقترحوه كقلب الصفا ذهبًا. {لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا}؛ أي: بتلك الآية بأنها من عند الله تعالى، وأنك رسول من لدنه. وفي هذا إيماء إلى أنهم بلغوا غاية العتو والعناد؛ إذ هم لم يعدوا ما يشاهدونه من المعجزات من نوع الآيات، ومن ثم اقترحوا غيرها، وما كان غرضهم من ذلك إلا التحكم في طلب المعجزات وعدم الاعتداد بما شاهدوا من البينات.
وقرأ طلحة بن مصرف: {لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا} مبنيًّا للمفعول وبالنون الخفيفة.
{قُلْ} لهم يا محمد {إِنَّمَا الْآيَاتُ} والمعجزات التي من جنسها ما اقترحتموه {عِنْدَ اللَّهِ} وحده، فهو القادر عليها والمتصرف فيها، يعطيها في يشاء ويمنعها في يشاء بحكمته وقضائه، كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} فلا يمكنني أن أتصدى لإنزالها بالاستدعاء والطلب. روي أن قريشًا اقترحوا بعض آيات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن فعلت بعض ما تقولون .. أتصدقونني"؟ فقالوا: نعم، وأقسموا لئن فعلت لنؤمنن، فسأل المسلمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينزلها طمعًا في إيمانهم، فهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدعاء، فنزلت الآية: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ}؛ أي: وما يعلمكم أيها المؤمنون الذين تمنوا مجيء الآية ليؤمنوا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - منهم بدليل همه بالدعاء ورغبته في ذلك. والاستفهام فيه إنكاري